قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
لم تكن الأديان، إلا إجابات عن أسئلة، وقف العقل البشري إزائها حائرا؛ وسواء كانت الأديان من إبتكارات العقل البشري، كالهندوسية والبوذية وأديان المايا، أو تلك التي اودع الخالق؛ موضوعها الى الرسل الإلهيين، كالمسيحية واليهودية والإسلام؛ فإنها جميعا تعالج مشكلات كبرى، أو تسعى لتنظيم الوجود البشري على كرتنا الأرضية.
إنتاج الأديان لم يتوقف عند الإسلام؛ وهو خاتم وآخر الرسالات السماوية، بل إستمر البشر في التعاطي مع موضوعة الأديان؛ كقضية دائمة متجددة، فكانت البهائية والماسونية والعلمانية والشيوعية والمدنية، أديانا جديدة وأن كان معظمها لم يطلق عليه صُناعَهُ تسمية الدين، لكن واقع الأمر؛ يكشف عن حقيقة هذه الأيدولوجيات، وكونها لم تقف عند حد التنظير الفكري المجرد، بل تعدته الى مساحة الأديان، المتعلقة بالخلق والوجود.
الدين الإسلامي متفردا من بين جميع الديانات السماوية؛ ليس مجموعة عبادات فقط، بل هو نظام متكامل لقيادة المجتمع، وهو أيضا ما يصطلح عليه المعاملات، ومن بينها شكل نظام الحكم، ومنذ الصدر الأول للإسلام؛ مرت علينا أفكار شتى، معظمها أندرس وبقيت منها فقط، إشارات في بطون كتب التواريخ..تشترك معظم تلك الأفكار، بأنها تتمحور حول إيجاد طريقة ما، للتخلص من الالتزامات التي تفرضها المعاملات!
القضية تتعلق بالثروات؛ إذ أن من بين ما تفرضه المعاملات، شراكة مجتمعية حقيقية بها، فعلى المسلم أن يخضع أمواله لنظام الزكاة، وهو نظام متكامل للتكافل الاجتماعي، ناهيك عن نظام الخمس الذي يربط المسلم بمنظومة قيمية، تحدد دوره كفرد وكجماعة في بناء دولة العدالة الإجتماعية.
الأفكار الفقهية المندرسة التي أشرنا اليها، كانت تعمل على تفسير النصوص؛ وفقا للأهواء التي تحكمها المصالح.
الإسلام يقول أن الناس شركاء في ثلاثة، النار والماء والكلأ، وهي مصادر الثروة ليومنا هذا، والنار هي الطاقة في عرف اليوم، والماء هو مصدر الزراعة والنماء، والكلأ أي المرعى؛ هو اليوم إحياء الأرض الموات؛ واستخراج ما بجوفها.
لأن الإسلام؛ يدعو الى شراكة حقيقية في مصادر الثروة، أي في رأس المال وليس في الدخل، برزت تلك الأفكار؛ التي تمردت على منظومة العلاقات الاقتصادية المحكمة؛ التي جاء بها الإسلام.
تطبيقا حقيقيا متكاملا للشراكة لم يحصل، إلا في فترات متقطعة ومنقطعة من تاريخنا الإسلامي، أبرزها فترة السنوات الأربع، التي حكم فيها أمير المؤمنين علي عليه السلام، إلا أنها تبقى فترات حية في ذاكرة الأمة، ونبراسا لمن يريد مقايسة الوضع الصحيح بالوضع السيئ.
ليس من باب الإقحام، حينما نقول أن العَلمانية ليست وليدة اليوم، كلا إنها لم تخبو لحظة واحدة من لحظات التاريخ.
لقد كانت موجودة في إيلاف قريش؛ برحلة الشتاء والصيف، وموجودة بالقناطير المقنطرة، من الذهب والفضة التي وجدت عند صحابي، ولي أمر البحرين وكان قد ذهب اليها حافيا، وهي موجودة أيام كل الملوك الخلفاء، بعد أبن أبي طالب عليه السلام، وكانت ايضا حاضرة وبقوة، في معركة الطف بكربلاء الحسين، وستبقى موجودة أبدا، مادام هناك من يسعى لاقتناص اللقمة من فم فقير.
كلام قبل السلام: العَلمانية بكل قيحها وبمفهومها العالمي المعروف، ترتدي رداء الإسلام، وتتبناها تيارات سياسية دينية، تقول أنها تنتسب الى علي بن أبي طالب عليه السلام..!
سلام..
https://telegram.me/buratha