المقالات

سؤال مخيف: كم تبقى من عمر العراق الموحد؟!

2004 2018-03-01

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

  يبدو العنوان مستفزا الى حد ما؛ بل ربما سأرمى بتهمة التثقيف لتفكيك الوطن، تلك الثقافة التي يروج لها بكثافة هذه الأيام، بطريقة لا تخلو من ذكاء، إذ غالبا ما يدعي المروجون لها، أنهم حريصين كل الحرص؛ على وحدة العراق أرضا وسماءا وشعبا!

   ما دفعني لإختيار العنوان المستفز أعلاه، أن الأحداث تلاحقت في دول عدة، في محيطنا الأقليمي وفيما هو أبعد منه، فقد تهدمت دولا عديدة خلال الثلاثين سنة الأخيرة، وأختفت دولا أخرى من خارطة الوجود..أختفى الأتحاد السوفيتي ويوغسلافيا، وتفككت وتكونت إتحادا دولا أخرى، وجرى ذلك بفعل عوامل عديدة، لكن يبقى عامل الهدم الذاتي، أهم عوامل تهدم الدول.

   يحصل ذلك؛ حينما تبنى الدولة على فلسفة خاطئة، فلقد أنشأت الدولة العراقية الحديثة، مطلع القرن الفائت، على إفتراض جغرافي غير دقيق، والجغرافية لا تعني الحدود والتضاريس فقط، بل تعني أيضا الجغرافية الإقتصادية والبشرية والسياسية، التي لم تكن منسجمة في حالتنا، مع مبادئ تشكل الدول.

   حوت دولتنا مشاكل ديموغرافية وسكانية كثيرة وثقيلة، ولم تتعامل الدولة مع تلك المشاكل بانفتاح، يمهد لحلول عملية سليمة، تذوبنا جميعا في وطن واحد، بل لجأت الى حلول خلفت مشاكل أعقد، ولجأت الدولة قبل عام 2003؛ الى عمليات التهجير والتطهير العرقي، والتسفير وحجب الجنسية وإسقاطها على نطاق واسع، وفقد مبدأ المساواة تماما..

  لقد بنيت الدولة على عقد اجتماعي مقلوب، فبدلا من أن تكون الدولة أداة بيد الشعب، لتحقيق العدالة الاجتماعية، وتتصرف على أنها منفذة لآماله، فإنها تعاملت مع الشعب وفقا لثقافة القطيع، فالشعب وفقا لتلك الثقافة، أداة بيد الدولة وليس العكس، وتلك كانت هي نقطة التي آذنت بزوال الدولة وهدمها..

  صاغ المؤسسون للدولة العراقية الحديثة هذا السيناريو، اعتقادا منهم بأن ذلك أفضل طريق لحشدالشعب خلف الدولة، أي أن الدولة في الأمام والشعب ينبغي أن يسير خلفها، على قاعدة:" سيروا الى الأمام ونحن من ورائكم، جنود أمناء لحماية الدولة" وتلك كانت الغلطة التصميمية، وهي الغلطة القاتلة، لأنها غلطة هادمة!

  كانت فلسفة بناء الدولة العراقية، التي أنشأها مؤسسوها، تقوم على إفتراض تناقضها مع محيطنا الأقليمي، وعُبيْ مواطنونا بفكرة: أن لجيراننا أطماع في أرضنا، وهكذا تناقضت دولة العراق مع محيطه، وبقيت طيلة قرن بأكمله مصدر قلق للمحيط، وعمليا فإن دولتنا كانت على خلاف، مع كل دول الجوار، وأن اختلفت حدة تلك الخلافات من دولة لأخرى.

الصورة كما ترون  قاتمة بعض الشيء، واليوم وبعد تهدم الدولة العراقية، فإن محاولتنا نحن الوارثين لكل هذه العوامل، لبناء دولة على أسس جديدة، تصطدم وبقوة ببقايا فلسفة الدولة السابقة.

كلام قبل السلام: سيكون مشروعا أن نسأل السؤال المخيف، الذي أتخذناه عنوانا لهذه المقاربة!

سلام...

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك