المقالات

ديمقراطية الإمتيازات اللصوصية..!

2150 2018-02-23

قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com

امضى العراقيون معظم القرن العشرين، وهم ينتقلون من حكم ملكي بِشاشةٍ برلمانيةٍ زائفة، الى سلسة إنقلابات عسكرية أستمرت عشر سنوات، الى الرزوح تحت طغيان البعث؛ الذي استمر اربعين سنة بالتمام والكمال، بكل آثامها وآلامها، وبديهي أن هذا الوضع القاهر، لم يترك لنا أرثا سياسيا لتداول سلمي للسلطة، عبر نوافذ الديمقراطية المعروفة.

لذلك فإن فهمنا للمارسة الديمقراطية؛ سيبقى قاصرا لفترة طويلة، تتناسب طرديا مع قلة خبراتنا ومعارفنا، بهذا الكائن الأسطوري الجديد، الذي اسمه ديمقراطية!

ستتعسر مهمة فهم الديمقراطية أمامنا؛ بشكل اكثر إضطرادا، مقايسة مع ما هو منتج ديمقراطيا عندنا الآن.

بناءا على هذا العُسر؛ فإنه ربما هنالك تعريف لا نعرفه للديمقراطية، يمكن أن يكون مخالفا  لنظام الحكم الديمقراطي، لكن قطاعا واسعا من صناع الرأي؛ يفهمون الديمقراطية من خلال أدبياتها المتداولة عالمياَ، على أنها تكريس سيادة الشعب، عن طريق وسائل الانتخاب والاقتراع، وذلك للتعبير عن إرادة الشعب؛ واحترام مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية.

يُفهمُ أيضا؛ أنه أذا كان النظام ديمقراطيا، فأنه أولى بالسلطات الثلاث؛ أن تكون البادئة بالخضوع الى القانون، لإعطاء أنموذجا مُحبباَ؛ يحتذى به للممارسة الديمقراطية، وذلك لضمان ديمومة النظام الديمقراطي، وتقديمه على انه أنموذجا صالحا؛ ومشوقا مقبولا قابلا للحياة.

أولى علائم خضوع سلطات الدولة الثلاث؛ لإشتراطات الديمقراطية، هو إفتراض زُهدها بالمال العام، وعدم مَدَ أعُنَها وأيديها إليه، وذلك بالتعاطي بحد مقبول مع الامتيازات الخاصة، للسلطات المكلفة بإدارة الدولة، لكي تكون هذه المؤسسات معبرة عن إرادة الشعب بأكمله..هذا هو فهمنا للديمقراطية بأبسط صورها.

لكن ما يسمى بالنظام الديمقراطي عندنا، نقض هذا الفهم وهدم أسسه، لأن السلطات الثلاث إياها، والمكلفة بإدارة الدولة؛ وفقا للعقد بينها وبين الشعب، والذي تم تجسيده بواسطة الانتخابات، فقد استحوذت مجتمعة على الامتيازات وبمستويات مرتفعة، كما استحوذت على المال العام بطريقة مشرعة من قبلها، أي بسن قوانين؛ تدعم سيطرتهم على الامتيازات والمال العام.

هذا التصرف لا يخالف جوهر الديمقراطية فحسب، لكنه بالحقيقة يمثل تصرفا لا أخلاقيا، لأنه يشكل لصوصية معلنة، مدعمة بقوانين سنوها بأنفسهم لأنفسهم، ومن شأن ذلك أن يفتح الأبواب على مصاريعها، لإحتجاجات وإرتجاجات في وضعنا الهش أساسا.

قصة الأمتيازات والأستحواذات قصة لا تنتهي، ورفضها والإحتجاج ضدها؛ لا يمثل موقفاَ شخصيا لكاتب، بل هو موقف الملايين الذين ينظرون بألم بالغ؛ إلى ما بات في يد الساسة وكبار المسؤولين، من أموال عامة وامتيازات.

هذا الوضع يقدم صورة سيئة جدا للديمقراطية، جعلت كثيرين يترحمون على أنظمة القهر والإستبداد، ويعني فيما يعني؛ قصر نظر الطبقة السياسية المتمشدقة بالديمقراطية، وستكون عواقبه وخيمة بالتأكيد، وأول من سيتأثر بهذه العواقب؛ هم الطبقة السياسية ذاتها، وسيرون ذلك في قابل الأيام!

كلام قبل السلام: لإن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج، فإن آية الحق النجاح وآية الباطل الفشل..

 

سلام...

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك