قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
بُعيد زوال نظام القهر الصدامي في نيسان 2003؛ كنا نمني أن يؤدي ذلك بالنتيجة، الى عملية تغيير جذرية حاسمة وشاملة، لواقع كان عنوانه الأوسع الشمولية والديكتاتورية الدموية، وأن تكون الحصيلة هي الأتيان بواقع جديد، مغاير ومناقض ومتجاوز لذلك الواقع.
في تلك الأيام كان خيار الفعل الثوري؛ حاضرا في أذهان كثيرين، وكان ذلك الخيار مشرط جراح، يزيل الأورام السرطانية البعثية الى الأبد، لكنه كان خيارا سيؤدي بالنتيجة الى حرب أهلية كارثية، وبالتالي لم يجد له مناصرين أو متبنين، فضلا عن رفضه بشكل قاطع، من قبل المرجعية الدينية العليا، التي جنبت البلاد بحورا من الدماء.
بعد ذلك؛ لم يكن أمام شعبنا إلا الختيار الديمقراطي، كنقيض نوعي للنظام الصدامي، ولقد أحسن شعبنا الأختيار، فقد كان خياره حضاريا بكل المقاييس.
منذ البداية كنا نعرف؛ أن العملية السياسية المؤدية، الى بناء النظام الديمقراطي المنشود، كانت ستشهد نكسات وتواجه مشكلات كثيرة، لأن التحدي كبير، والنقيض المنقوض، ما زال ممسكا بتلابيب عقول كثيرين، لكن دعونا نقر ونعترف، أننا جميعا لم نكن نتوقع، مواجهة مشكلات مثل التي واجهناها، طيلة السنوات الخمسة عشر المنصرمة.
لكي نصل الى تحليل منطقي، يجيب عن لماذا نواجه مشكلات كثيرة وكبيرة! نقول أنه لكن لا يمكن التمرن على الديمقراطية؛ قبل ممارستها بالفعل، ولا كذلك التدرب عليها، في ظلال بقايا النظام السابق أفرادا وقوانين وثقافة، ومن يعتقد خلاف ذلك فهو ساذج.
دعونا نقف عند واحدة من تلك المشكلات؛ وهي مشكلة الأمن، ولنتناول جانبا واحدا من جوانبها, وهو الحديث عن أدواتنا في ترسيخ الأمن، والمقصود هنا بالأدوات، هي القوى البشرية أو قوات الأمن.
لنعود الى المقدمة ونقرأها مجددا، كان يفترض ووفقا للسياق المنطقي، أنه أذا كنا نريد مواجهة المشكلات الأمنية، التي سببها بقايا النظام السابق، أن لا نستخدمهم في الأجهزة الأمنية، لأنه ليس من المعقول، أن يطلب من شخص أن يحارب نفسه.
بصريح العبارة فإننا سنكون بلهاء جدا، أذا توقعنا من القادة الأمنيين، والمستويات الأدنى من القيادات الأمنية، والمستويات الميدانية، من الضباط الذين كانوا مرتبطين بالنظام السابق أو ضمن زمره، أن يقارعوا الأرهاب، الذي يقوده زملائهم في المهنة، الذين أختاروا الوقوف بالضد من عملية التحول الديمقراطي، وسنكون ظالمين أنفسنا أذا طلبنا منهم ذلك، ولا يجب أن لا نأمل منهم.
إن الحقيقة التي يتعين علينا أداراكها ولو متأخرين، أننا أوكلنا أمر حمايتنا الى أدوات غير صالحة، وأنه كان من المتعين علينا؛ خلال السنوات الخمسة عشر المنصرمة من عمر التغيير، أن نبني قوة صالحة، يمكنها أن تحمي النظام الديمقراطي، فهل فعلنا ذلك، وهل نجحنا فيما فعلناه؟!
الأجابة ليست عسيرة، فالبديل بنى نفسه خارج إرادة السلطة الحاكمة، مستندا الى ركن متين، هوالمرجعية الدينية والدعم الشعبي التام..
البديل المقصود هو الحشد الشعبي، الذي تحاربه السلطة الحاكمة بلاهوادة، برغم إدعائها الأجوف بدعمه وتبنيه، وعلى الرغم من الوضع القانوني الرصين للحشد الشعبي، إلا أن الدوائر الحاكمة المثقلة بالبعثيين، عطلت عمدا تنفيذ قانون الحشد الشعبي، تمهيدا لإفراغه من بعده المرجعي والشعبي، وها هم مجاهدو الحشد الشعبي، الذين نظفوا البلاد من داعش وإجرامه، ما يزالون يتقاضون رواتبا، أقل من ما يتقاضاه عمال النظافة..!
كلام قبل السلام: جاء في الأصحاح السابع عشر من الكتاب المقدس (العهد الجديد) :"لقمة يابسة ومعها سلامة، خير من بيت ملآن ذبائح مع خصوم لئام"
سلام...
https://telegram.me/buratha