قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
تسالم علماء الفكر السياسي، على أن ثمة سبع مسالك، يمكن بولوج أي منها، حل مشكلات البناء الوطني المعقدة، التي يواجهها بلد ما، هذه المسارت السبع؛ وبلا أفضلية في الترتيب هي: الاتحاد والصراع والخصومة وتكوين الائتلاف والتوفيق والتراخي والحلول الوسط.
المتـامل في مفاهيمية هذه المسارات، سيجد بسهولة أنها تتناقض فيما بينها تناقضا صارخا، وأنه لا يمكن الجمع بين أي مسار من هذه المسارات؛ مع غيره كلا أو جزءا، وبديهي أنه لا يمكن الجمع بينها جميعا!
الإتحاد ضد الصراع، ولذلك لا يمكن السير ببناء بلد إتحادي، مع إستمرار الصراعات بين المركز والأقاليم، وستنتهي فكرة الإتحاد الفيدرالي، الى دول وليس أقاليم متحدة!
الخصومة وتكوين الإئتلاف؛ متضادان لا يجتمعان على سطح واحد، صحيح أنه لا بد أن يكون قبل الإئتلاف خلاف، لكن هذا الخلاف يجب أن ينحى؛ ثم يدفن هو توبعاته، على قاعدة المشتركات التي تبني الإئتلاف..
في حالة إئتلافاتنا السياسية؛ سيما الكبرى منها: التحالف الوطني والتحالف الكوردي، والتحالف السني، فإن خلافات ما قبل الإئتلاف، تبقى حية في وجدان المؤتلفين، توقظ كلما أحست الأطراف المؤتلفة، أن رسلائها قد أكلوا ولو قليلا من جرفها، لذلك فإن إئتلافاتنا السياسية، ونتيجة لدوام الخصومة بين أطرافها، هي بالحقيقة إئتلافات ديكة هراش، جميعها مفقوءة العيون!
عودة الى المسارات السبع، فإن التوفيق يربكه التراخي، فلا معنى لحديث عن التوفيق؛ بين مصالح الأطراف الوطنية، وبناء منظومة سياسية؛ تقوم على أن يأخذ كل ذي حق حقه، بلا زيادة أو نقصان، في ظل التراخي وغض الطرف؛ عن تغول الطبيعة البشرية، التي تسعى دوما لنيل ما هو أكثر؛ من الإستحقاق بشتى السبل، بالإبتزاز تارة؛كما هو شأن تعامل الإتلاف السني مع باقي المكونات، أو عينك عينك؛ كما هو شأن التحالف اكوردي مع التحالف الوطني، أو بغلبة الطبع على التطبع، كما هو شأن التحالف الوطني مع الباقين..
التوفيق يعني؛ أن يعرف جميع المشاركين بالعملية السياسية حدودهم، لكن التراخي في صيانة هذه الحدود يهدمها، ويهدم منظومة الوفاق أو التوافق الوطني!
بقي لدينا مسار واحد، قد يظن بعضهم أنه هو الحل؛ وأعني به: الحلول الوسط، لكن الواقع السياسي العراقي، ومنذ 2003 ولغاية اليوم، أثبت أن الحلول الوسط؛ تدمر كل بنيان يمكن تكوينه، عبر أي من المسارات الأخرى!..
كلام قبل السلام: مشكلتنا تتلخص بأننا سلكنا جميع هذه المسالك في آن واحد، ولذلك وصلنا الى ما وصلنا اليه، والفضل في ذلك طبعا، للديكة الذين قادونا خمسة عشر عاما، عصرونا فيها عصرا ولم يغيثونا!
سلام..
https://telegram.me/buratha