المقالات

سياسة ترامب ضد إيران؛ حفظ بعض ماء الوجه..!

3439 2018-01-20

قاسم العجرش qasimJ200@yahoo.com

وضع الرئيس الأمريكي نفسه في خانق ضيق، عندما غنى خارج سرب حلفاءه الأوربيين، في قضية التعاطي مع الملف النووي الإيراني.

أوربا تريد علاقات بناءة؛ قائمة على أساس الإتفاق مع جمهورية إيران الإسلامية، التي أثبتت إلتزامها به، ليس كرما لعيون الغربيين، أو خوفا من تهديدات الأمريكان، بل لأنها مؤمنة ايمانا راسخا، بأن الطاقة النووية وجدت لإسعاد الشعوب، وتوفير إحتاجاتها السلمية، وليس من أجل إمتلاق القوة الغاشمة، كما هو حال دول الغرب النووية، وبضمنها الولايات المتحدة الترامبية طبعا!

بالحقيقة أن تجارب الشعوب ليست وقفا عليها، وهي برسم الأنسانية يمكنها النهل منها، وتفيد تلك التجارب أن معظم الشعوب، تستفيد من عثراتها وسقطاتها، وتتجاوز بشجاعة آثار نكباتها، وبنت الشعوب على ركام إخفاقاتها نجاحات باهرة، ولم تسقط في فخ مغادرة أصالتها أو قيمها وتراثها.

على الضفة المقابلة؛ تقف أمم أخرى على النقيض من ذلك تماما، كأنما وضعت على عيونها ما يحجب النظر لواقعها، أو رؤية ما جاورها وعاصرها أو سبقها من حضارات، وبدت وكأنها فقدت أو تخلت صاغرة عن وجدانها الجماعي، فلا دافع ذاتي يدفعها؛ لأن تأخذ مكانتها المفترضة بين الشعوب المتحضرة، وصار همها الأول هو أن تنظر الى أيادي الآخرين، متطلعة الى ما يجودون به من عطاء، يتكرمون به عليها مقابل ثمن باهض، هو كرامتها المسفوحة على مسطح الحاجة، وجمهورية إيران الإسلامية ليست من هذه الأمم بالتأكيد!

أنكى من هذا أن من الأمم؛ من لا يخجله أن يفتح أبنائه أفواههم ،طلبا للمساعدة الغذائية في كل وقت وحين، مع ما في ذلك من ارتهان لمصائرها بيد الآخرين.

لقد كان في كل من اليابان وألمانيا والصين وإيران، نماذج عن أزمات عرفتها أمم؛ يختلف بعضها عن بعض كثيرا أو قليلا، لكنها تلتقي؛ في أنها استوعبت جميعها دروس الماضي، وأيقنت أن صناعة مستقبلها كما تريده، يرتكز بالأساس على إرادة صلبة، وأن استغلال مواردها وثرواتها، ينبغي أن يتم بالتوازي مع استثمار الإنسان، فبه تنهض الأمم؛ وتتقد فيها جذوة بناء الذات، واستقلالية القرار وسيادة الأوطان، بعيدا عن روح الإتكالية على الغير...

وفي المثال الإيراني المجاور لنا، من الواضح أيضا أن أزمة أمريكا الترامبية مع إيران، ليست متعلقة ببرنامجها النووي؛ وتهديدها للسلم والأمن العالميين، كما يصدح بذلك شدق الرئيس الأمريكي الواسع، ولكن لأن الإدارة الأمريكية يسوئها أن ترى غيرها، يمتلك ناصيته بنفسه دون أن يرتهنها لديه.

لقد صَعُبَ على ترامب وإدارته، أن يتفهموا نهضة الجمهورية الإسلامية، واعتمادها على قدراتها الذاتية في الرقي، ولذلك حركت الإدارة الأمريكية أدواتها، لإحداث شغب وتوترات في إيران، ضمن مخططها الشرير المضاد لإيران، غير ان الرد الأيراني، ورغم كل آلة التهديد والوعيد، جاء لا يحتمل التأويل: "نحن ماضون ولو كره الكافرون!".

كلام قبل السلام: لذلك وكي يحفظ بعض ماء وجهة، إن كان في وجهه بعض ماء، ولكي يبقى محافظا على تسريحة شعره، التي هي كل ما يمتلك، لجأ ترامب الى تراجع مذل عن تهديداته، بأن مدد تجميد العقوبات على أيران، وللمرة الأخيرة كما قال، وهو يعرف أنها لن تكون الأخيرة قطعا، لا سيما وأنه سيكون وحده دائما..!

سلام..

 

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك