قاسم العجرش
في معركة الإيهام بأن هناك تعارض ما بين قيم الإسلام والديمقراطية، تتظافر جهود الأطراف العلمانية الساعية لهدم سد القيم ، وتقوم بينهم تحالفات مبنية على مصالح مشتركة، يقف على رأسها العمل على هدم السد.. وهي ليست في وارد بناء دولة مجتمع مدني كما تعلن، فخططها تتجه نحو هدم سد القيم الأسلامية، وذلك لأن بقاء السد بقوته، يحول بين جموع فئران القوى السياسية المتحالفة وتحقيقها لأهدافها، ولاتتحقق تلك الأهداف الا على أنقاض السد، ومما لاشك فيه أن الأهداف المرحلية لتحالف الفئران، قد نجح الكثير منها؛ بدليل وصولها الى المواجهة مع السد نفسه...
اننا في زمن الجماهير، والغلبة فيه للأسرع في اكتسابها لصفه؛ والبطء يجعلنا نخسر معركة القيم، فالحرب حرب أفكار وكفاح سلمي، والظروف الدولية والاقليمية، والتجارب في بعض الدول، تشجع على هذا التوجه الذي تتبناه القوى العلمانية في بلدنا. ..
لكن أين بناة السد كل هذه المدة الزمنية، من ترك الفئران المتحالفة تعمل، حتى وصلت الى السد وأصبحت خطرا يهدد وجوده؟. لماذا لم يتحرك البنا،ة لافشال المخططات ذات الأهدف المرحلية؟ لماذا الصمت حيال تحركات قيادات الفئران؟ لماذ تُرك منظري "الفئرانية" يطرحون فكرهم، الذي لايتم بناؤه الا على أنعدام وجود السد؟!
لماذا فُتح المجال للحواظن الثقافية لهذه القوى، لكي تروج بين العراقيين مبادئها وأهدافها، وتخرج فصيل من هذه الحواظن، يحمل معاوله لهدم سد القيم تحقيقا لمخططات الهيمنة؟ لماذا لم توضع الخطط المرحلية، لمواجهة مرحلية الخطط عند القوى السياسية المتحالفة؟ لماذا نقوم بدور المتفرج والجامع للمعلومات، تجاه مايقوم به المنظرين والمروجين لفكر الرذيلة؟ و أين دفاعاتنا الفكرية؟
لماذا وقعنا في بعض السياسات المرحلية، التي تناسبت مع فئران القوى العلمانية؛ المختلفة في سياساتها وعقائدها والمتفقة على هدم سد القيم؟ لماذا تتفاقم حالة الغياب للوعي السياسي، والفكري والتربوي والأعلامي لما يخطط له خصومنا الفكريين؟ لماذا الكسل في التعامل مع هذا الخطر؟ ولِمَ لم يتم التصدى للغزو الفكري المعادي للقيم الوطنية والإسلامية، الذي تحمله مجموعات فئران القوى العلمانية ؟ بل أين هجومنا؟ حتى أننا من الغفلة ننتظر قرع أقدامهم لأسوار بيتنا الداخلية. أين امكانياتنا الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، لكي نسخرها للوقوف هذا الزحف الهائل، والمدروس والمنظم والمتحالف من قبل الأحزاب السياسية الليبرالية، ومن يقف خلفها من الدول وأجهزتها الاستخباراتية والاعلامية؟
ان بعض العقاقير تؤدي الى تخدير جسد المريض عندما يتعاطاها؛ وزيادة جرعة بعضها وطول مدة التعاطي، تسبب مضاعفات جانبية خطيرة. وكذلك الواقع تحت تأثير بعض المشورات، لبعض السياسيين والمنظرين الفارغين، أومقترحات بعض مراكز الدراسات، بحسن نية أو بسوء قصد من أحد المخترقين، تعمل على تعطيل حركة بناء سد القيم،الأمر الذي يؤكد يؤكد مجانبة هذه المشورات للصواب، وأنها لم تبن على أساس صحيح، له علاقة بواقع معركة القيم.
لقدأرتكبت قيادات قوى "القيم"، الخطأ القاتل في تطبيق سياسات مبنية، على تغيير وسائلها وأساليبها، فألغت بعض مبادئها ليتناسب طرحها؛ مع الحركة السياسية والاجتماعية العالمية؛ بل ان قوى "القيم" على اختلاف انتماءاتها، واكبت الآخرين في هذا التغير والتلون والنفاق السياسي، فعملت على تكييف خططها المرحلية، للوصول الى أهدافها الاستراتيجية والنهائية، مع الحراك السياسي العالمي في الوقت الراهن. ان تسولات النفعيين وأصحاب النفاق والسياسي للوصول للمواقع المتقدمة، لا تجدي نفعا في حرب المواجهة مع أعداء القيم ..
ان الربط الخاطئ بين السياسة الخارجية والوضع الداخلي ،والأستهانة بحجم الخصم وتحالفاته المرحلية مع خصومه السابقين، أدى الى الحالة التي قوت الهجمة على قيمنا في هذه المرحلة من حياتنا ..
إن القوى المعادية لقيم الإسلام، لا يهمها أصل موضوع منع الفجور والفاحشة والخمور، إنها بالحقيقة تستغل ذلك كوسيلة لمعاداة جوهر عقيدتنا في كيفية بناء السد، وفي مسعاها هذا فأنها سخرت شريحة واسعة من المثقفين، وأستخدمتهم كسلاح تضعه في ظهورنا ونحورنا.. .
ان حياة الثورة التي يسكن فيها الثوار سفوح الجبا،ل أو بين أعواد قصب الأهوار أو أزقة المدن العتيقة، يحملون فيها بنادق كلاشنكوف صدئة وطابعة للمنشورات السرية قد أنتهت، والساحة اليوم لصراع الفكر النخبو،ي والخطاب الشعبي والسياسة والاعلام،وحرب الانترنت والقنوات الفضائية العملاقة.. وخصوم اليوم لاينسفون السد بالديناميت..
معركتنا معهم يحب أن تكون بالفكر، والطرح السياسي والاجتماعي والنفسي، والاقتصادي المنظم المدروس، والذي يرفض العشوائية؛ في التعامل مع الأحداث والشخصيات والدول والأجهزة الأمنية.
ان المطلوب بالحقيقة رجال تعلو نفوسهم فوق حطام الدنيا...رجال شموخ عزتهم يسكن القمم، بعيدا عن أودية الرمم البالية..إذ أن معركة القيم لن ننتصر فيها باولئك المتشدقين في تزيين الكلام...
ان بناة السد يستيقظون كل صباح، فينظرون بسطحية الى ما بنوه في السنوات المنصرمة، فيرون جدرانه الحجرية شامخة فيفرحون..في حين أن السهام الفكرية والسياسية، والاجتماعية، والنفسية التي وجهتها القوى العلمانية المناوئة قد اخترقت البناء، وهدمت فكر وعقائد وولاء عدد لايستهان به من قاطنيه، وعملت هذه القوى على تجنيد كثيرين؛ لحمل معاول الهدم لتحطيم سد القيم؛ بعد أن ترك بناة القيم الساحة مفتوحة لخصومهم، كل هذه المدة من الزمن، يضربون بمعاول فكرهم البناء الفكري لأبناء السد.
كان الواجب على القادة الإسلاميين، أن يبحثوا عن أبناء السد من بناته الأذكياء، وعن الأحرار المخلصين، لكي يجندوهم للمنازلة في هذه الحرب الفكرية الضروس..
كلام قبل السلام لكنهم تركوا أذكياء وأبطال السد يصيبهم الاحباط، بسبب فشل محاولاتهم للوصول الى مراكز التوجيه الفكري في وطنهم..وأنشغلوا بهموم السلطة اليومية إن لم نقل بأمتيازاتها..
سلام..
https://telegram.me/buratha