قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
بين ذكرى مولده وذكرى وفاته أيام عدة، تجعلنا نحتفل بالميلاد بغصة تكتنز من المرارة علقمها..وبين الرحيل الأبدي وحجة وداعه ايام بضعة ايضا، تجعلنا نتسائل مضطرين، هل ترك الرسول عليه وعلى آله صلاة الله وسلامه، دنيانا هذه بلا ضابطة تضبط أمورنا من بعده؟!
وتأتي الإجابة من بطن التاريخ، وهو ليس بعيد على أية حال، بأن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم؛ لم يترك مناسبة؛ إلا وأشار من خلالها الى الدور المناط بأمير المؤمنين علي عليه السلام، سواء في حياة الرسول، أو بعد مغادرته الدنيا، ولو حاولنا أن نعدد تلك المناسبات، لوجدنا أنها بعدد أيام الرسالة النبوية بالتمام والكمال!..
معنى هذا أنه عليه الصلاة والسلام؛ كان في كل يوم يعيد على الأمة ما يتعين عليها أن تتصرفه بعده، ولكي يحول هذه القضية الى منظومة عملية، تأخذ مداها في وعي "المواطنين" في "الدولة" التي أسسها، أشهَد في الغدير وبعد حجة الوداع، "جمعا" كبيرا من هؤلاء "المواطنين"؛ على تفاصيل "المرسوم النبوي"، الذي بموجه إستخلف عليا في الأمة من بعده.
لم يأل الرسول قبلها جهدا؛ في تهيئة الأرضية المناسبة، لأن يكون المرسوم النبوي الذي ألقاه بنفسه، ولم يكلف أحد غيره بإعلانه ـ لأهميته البالغة ـ وسيلة لأنتقال "سلمي" للسلطة من بعده..
كان من بين وسائل تهيئة الأرضية، أن زوج عليا من كريمته الحبيبة؛ الوحيدة "فاطمة" عليها السلام، وقد كان بحق زواجا مهما، لأن عديدا من صفوة "المواطنين"؛ ولنطلق عليهم "الصحابة" ؛ كما إعتاد أن يسميهم بهذا الأسم الملأ في ذلك الزمان، وجرى عليه أقوام أتوا بعدهم ليومنا هذا، كانوا يمنون أنفسهم أن يتزوجوا منها،
الزواج من البتول إبنة الرسول، كان ليخلط دماء أبنائهم بدماء بيت النبوة، وهو شرف يدير الرؤوس! لكن الزواج تم بخطبة ملائكية لإبن عمها، وتراجعت آمال الصفوة وحفظ الله أرث النبوة..
من بين وسائل التهيئة التي أشرت أليها، أن إستخلف الرسول إبن عمه الأثير على عاصمة دولته؛ وهو يخرج منها في إحدى مهام نشر رسالته، وحينما وجد غصة في قلب علي؛ من بقاءه وحيدا في المدينة، قال له: أنت مني بمنزلة هرون من موسى، ألا أن لا نبي بعدي ..
لقد حسمها واضحة لا لبس فيها بقوله: من كنت مولاه فعلي هذا مولاه؛ وقد إختار الرسول مكانا مناسبا؛ ليجمع فيه "الجمع" الذي شهد "المرسوم النبوي"، يضم قرابة مائة وثلاثة وعشرين ألفا؛ من صفوة " المواطنين".
لقد كان "غديرا" وارف المياه؛ لتتوفر فيه للجمع أهم مستلزمات صفاء البال وراحته: المياه والظلال في بلد صحراوي شحيح الماء ..
لذلك كانت إستجابة الأمة إستجابة واعية جدا، فقد قال أحد "الصفوة"، بعد المرسوم النبوي لإنتقال السلطة بخ ..بخ ..ابا حسن، فقد أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مسلم ومسلمة، يومها كان الرسول بكامل صحته ووعيه وقوته وسطوةدولته، ولم يكن ممكنا لأحد أن يجروء على مخالفته...
في يوم وفاة الرسول روحي له فداء؛ قال نفس الرجل الذي قال بخٍ بخٍ: إن الرسول ليهجر، حسبنا كتاب الله..!
كلام قبل السلام: لقد مزق الرجل المرسوم النبوي...!
سلام...
https://telegram.me/buratha