قاسم العجرش
ثمة مؤامرة جديدة؛ تحاك في دهاليز السياسية ضد الكورد الفيليين هذه الأيام؛ أطراف المؤامرة هم الحكومة ومجلس النواب، ومفوضية الإنتخابات اللامستقلة، وقيادة الإقليم الكوردي، وقيادات الأحزاب السياسية العروبية، لكن المذهل في الأمر؛ أن هناك طرفين أساسيين في المؤامرة، لا يتوقع إشتراكهما فيها أحد!
الطرف الأول هو التحالف الوطني الشيعي بقضه وقضيضه، والثاني هم الكورد الفليين أنفسهم..!
كيف؟!
هذه المؤامرة بنيت على قاعدة التجاهل والتغاضي، وقُعدت على أساس الإهمال والتناسي، وشيدت أركانها بأحجار بقاء الحال على حاله، وتمم ذلك تمسك الفيليين أنفسهم، بأحلام العصافير التي سوقها لهم التحالف الوطني، دون ان يخطو خطوة حقيقة واحدة لإنصافهم، على الرغم من إنتساب الكورد الفيليين له؛ عقيدة وولاءا..
الكوردي الفيلي، أو الشيعة الكورد مكون أساسي من مكونات الشعب العراقي، وهم أقدم وجودا وعراقة من كثير من المكونات الأخرى، فهم على الأقل أقدم بعدة آلاف من السنوات، من الآثوريين والأرمن؛ بل وحتى من كثير من القبائل العرابية، ومع ذلك فإن الدولة ما تزال تطالبهم، عبر دوائر الجنسية والأحوال المدنية، بوثائق إثبات الرعوية للدولة العثمانية، مع أن الدولة العثمانية دولة إحتلال وليست دولة أصيلة في الحالة العراقية..!
وعودا على بدء في قضية المؤامرة على الكورد الفيليين، سأستعيد معكم بعض ما قدمته الدولة للفيليين، على طريق تلبية مطالبهم وحقوقهم، في نيسان من سنة 2013، وتزامنا مع ذكرى يوم الكورد الفيليين، الذي يصادف أمر الطاغية صدام، بتهجير الفيليين من العراق في 4/4/ 1981، عممت الأمانة العامة لمجلس الوزراء؛ كتابا على الدوائر المرتبطة بها، طلبت فيه إعتماد شعار "جرائم النظام المباد ضد الكرد الفيليين جرائم ابادة جماعية" على المخاطبات الداخلية والخارجية كافة.
هذا الكتاب نوه ايضا الى "ان الاعمام يهدف للتذكير بهذه الجرائم المنكرة التي طالت ابناء شعبنا جميعا وبخاصة الكرد الفيليين منهم". و"ان الشعار سيُعمل به لمدة اسبوع واحد على الخطابات الرسمية داخل الأمانة العامة".
الحقيقة وقتها لم يستفزني خبر كالخبر الآنف..!
في موضوع الأستفزاز الذي أتحدث عنه؛ لا أشير الى النوايا، ولا أغبن حسن الطوية فيها، فالذي أصدر هذا الإعمام جزاه الله خيرا؛ كان قد أجتهد بما بيده من أدوات، ويبدو أن تلك الأدوات؛ لا تتعدى هذا المقدار كيفية ومكانا وأمدا زمانيا.
في موضوع الكيفيةئئئئئئ؛ فإن الهدف الذي أشار اليه البيان هو "التذكير..!"..
وأثير هنا أسئلة محددة:
أولها: هل أن مأساة بهذا الحجم؛ مازالت متفاعلة أحداثا وأسبابا ونتائجا، تحتاج الى مثل هذه الوسيلة البسيطة من وسائل التذكير، بل هل هي بحاجة الى "التذكير" ذاته..!؟..لكن يبدو أن النسيان طواها فعلا فجرى"التذكير"...
وثانيها: حيزا مكانيا؛ فهمنا من أن الإعمام إياه، معنية به المخاطبات الرسمية "داخل" الأمانة العامة..حسنا، وماذا عن خارجها؟! فهل أن مؤسسات الدولة الأخرى، غير معنية بقضية الكورد الفليين؟..!
صح المثل الذي يقول: ما لجرح بميت إيلام..!
وثالثها: أن جهة التذكير؛ هي المعنية قبلا بأن تتذكر تلك الظلامة الكبرى، التي تعرض لها الكورد الفيليين، وسأكون حسن النية وأقول؛ هل أنها كدائرة قرار وتنفيذ تريد أن تذكر نفسها؟!
وأجيب عنها: هذا شيء حسن، ربما، ربما ..فمن حاجة المسؤول أن يتذكرا..!
ورابعها: أمدا زمانيا؛ اسبوع واحد فقط؛ قبالة تاريخ طويل من القهر والإذلال، والتهميش والأقصاء والأبعاد وكل مفردات الظلم، التي أعرفها والتي لا أعرفها، والتي حفلت بها قضية الكورد الفيليين؟1
نقول إجابة عن الدولة: يكفي فوقت الدولة من ذهب إن لم تقطعه ذهب..!
وخامسها: ومرة أخرى سأكون حسن النية مثلما كنت دوما، وأتسائل: بعد ثلاث عشر سنة على زوال أسباب الظلم؛ وبعد تشخيصه وتحديد أبعاده، ونحن اليوم على أعتاب عام 2018 ، هل في نية الحكومة أن تعترف أنها وكل مؤسسات الدولة؛ المعنية بقضية الكورد الفيليين، لم تفعل ما يكفي لرفع الظلم ذاته؟!
وتأتي الإجابة مفرطة بالظلم؛ إذ أن إنكار حصول الشيء في أغلب الأحيان يعني إثباته..!
وسادسها وهو الأهم: إننا إذن قد توصلنا الى أن قضية الكورد الفيليين، بأبعادها التاريخية والأنسانية والأجتماعية، لم تتوفر لدينا الإرادة السياسية لإنهائه،ا من خلال جهد وطني كبير يطوي صفحتها الى الأبد، فهل نحن فاعلون؟!
وسيكون الجواب الحقيقي؛ هو أننا سنفعل ذلك بالتأكيد، نعم سنفعله ولكن بعد فناء آخر الكورد الفيليون..!
كلام قبل السلام: في رؤوسنا عدد من الثقوب؛ تؤدي وظائف حيوية مزدوجة: العين للإبصار والبكاء، الأذن للسمع والتوازن، الأنف للتنفس والشم، الفم للأكل والنطق..ثمة وظيفة عكسية ثالثة لكل هذه الثقوب مجتمعة، هي أن تخرج منها الأفكار على ورقة..!
سلام..
https://telegram.me/buratha