قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
ربهم واحد؛ دينهم واحد، قرآنهم واحد، إمامهم واحد، مذهبهم واحد، وفي أحيان كثيرة؛ فإن مرجعهم الديني واحد، ولكنهم مختلفون!
يمشون سوية في زيارة الأربعين، يخدم بعضهم بعضا، يدلك بعضهم الأقدام المتورمة لبعضهم الآخر، ويأكلون في نفس الماعون، ولا تسبق يد احدهم يد الآخر أبدا، وبعد أيام سينشدون للموعود، أغاني وأناشيد مشتركة، تدعو لتعجيل فرجه عليه السلام، لأنه أملهم بالخلاص، ولكنهم مختلفون!
هذا هو حال شيعة العراق، مجتمعين بالخطوط العريضة والآمال، ومختلفين بالتفاصيل حيث يكمن الشيطان!
كانت أواسط السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي ،هي السنوات الأولى؛ التي وضعت فيها الحركات الإسلامية الشيعية العراقية، قدمها في داخل منظومة العمل السياسي، فقد كان الإشتغال بالسياسة قبل ذلك”حراماً”، طبقا لفتاوى شرعية شيعية، كانت نتيجتها كارثية، إذ حكم “الآخر” البلاد وهو أقلية، وكان من هذا الآخر الحكام والوزراء والقضاة، والضباط والأطباء والمهندسين والموظفين، وكان الشيعة وهم أكثرية؛ عمالا وفلاحين، وجنودا وأفراد شرطة..وباعة شاي وحمالين أيضا!
كان تَشَكُل القوى السياسية الشيعية، نتاج قمع سلطوي خانق، وتعبيرا عن الرفض لحالة انغلاق سياسي مطبق، حكم على فضاءات التعبير، بالإنزواء في أقبية التنظيمات السرية.
لكنها كانت بداية حملت أمراضها معها، لتصنع شبكة غير مرئية، من الحروب الصغيرة والشخصية، بين هؤلاء الذين يؤثثون المشهد السياسي الشيعي اليوم.
تلك البداية؛ كانت هي أيضا ذلك الرحم، الذي طرح لنا نخبة الساسة الشيعة اليوم، والتي تربطها علاقات سلبية بينية، متجذرة بالماضي، وهي علاقات ما إستطاعت هذه النخبة أن تنفك منها، وكانت تعبيرات تلك العلاقات السلبية متنوعة، بين خلافات أيديولوجية وعقيدية عميقة، الى مشادات ومعارك شخصية، الى إختلاف على من يجلس أولا، في الصفوف الأمامية لندوة شعرية!
المفارقة هي أنهم اليوم، مختلفين على من يعتلي ظهورنا أولا!
جيل الحاضر، لا يستطيع إيجاد تفسير لكثير من المشاحنات الآن، والتي تدور أمام أعين أبناء هذا الجيل، وبعضها على شاشات الفضائيات، بين القادة السياسيين الشيعة!
هنا يحق لنا أن نتساءل بحرقة، عن الغول الذي يشدنا الى الخلف، الى درجة اننا حين نلتفت إلى الخلف، سنجد أن تلك الخلافات؛ لا تبعد عن يومنا الا قليلا، رغم الفارق الزمني لأكثر من أربعين عاما.
ألا يمكن القول؛ أننا ما زلنا؛ في أواسط سبعينات وبداية ثمانينات القرن الفائت، لولا قواعد اللعبة السياسية الجديدة، ولولا قشرة وسائل الاتصال الحديثة؟
كلام قبل السلام: ثمة حاجة ملحة، لإنتاج جيل جديد من الساسة الشيعة، لا يحتاج الى الإلتفات الى الوراء كثيرا..!
سلام..
https://telegram.me/buratha