قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
في حزيران 2014؛ كانت الصورة مرعبة بشكل حاد، فقد حقق الساسة السنة؛ الجزء الأعظم من مخططهم، الذي عملوا عليه لعدة سنوات؛ بلا هوادة وبمختلف الوسائل، وخلال أيام قليلة كان أكثر من ثلث العراق تحت إحتلال ميليشياتهم الداعشية، التي خرجت من رحم ذلك المخطط الرهيب، والذي جرى تنفيذه، بعد تلاقح الإرادات الإقليمية والدولية، مع أحلام الساسة إياهم، بإعتلاء صهوة العراق مجددا، والتفرد بالسلطة؛ التي لم تصدق عقولهم الإستعلائية أنهم فارقوها..
لقد أقتربوا كثيرا من تحقيق حلمهم، بل كادوا يحققونه خلال أيام بعد10/6/2014، وكانت المعارك على أسوار بغداد، ولم تبق تحت يد الدولة قوات حقيقية، تحمي بها نفسها، فضلا عن حماية الشعب والعملية السياسية..لقد كان كل شيء في مهب الريح..
فتوى الجهاد الكفائي، وتناخي المجاهدين من أبناء المقاومة الإسلامية تلبية لها، والوقفة المسؤولة لأبناء شعبنا من أبناء الوسط والجنوب، والإسناد المشرف لجمهورية إيران الإسلامية، عوامل قلبت السحر على الساحر؛ وكان الحشد الشعبي؛ الوليد الشرعي الجبار لهذه العوامل مجتمعة.
توقف زحف الأشرار على بغداد أولا، ثم أنطلقت جحافل المتطوعين نحو جبهات القتال، وسرعان ما تغيرت المعادلة, وأمسك الحشد الشعبي بزمام المبادرة، وشيئا فشيئا تهاوت قلاع الشر الداعشي، ودخل الحشد مناطق لم تخضع لسلطة الدولة منذ 2003، تم تحرير محيط بغداد، ومحافظة ديالى وصولا الى تخوم كركوك، والرمادي والصقلاوية، وجرف النصر وعامرية الفلوجة، والصقلاوية والكرمة، وبلد والدجيل ويثرب، والأسحاقي وسامراء والدور، تكريت وبيجي والصينية، القيارة والشورة والشرقاط، الباج والحضر والقيروان والبعاج أيضا تحررت..
صعدنا الى الموصل، وهي بحكم المحررة اليوم، ووصل الحشدالشعبي الى الحدود السورية، وتم وأد المؤامرة، واقر العالم ببسالة العراقيين وحشدهم الشعبي..
وحدها الحكومة العراقية؛ لم تتعامل مع الحشد الشعبي بما يستحق، فلقد قدم الحشد الشعبي قوافل بدأت ولم تنتهي من التضحيات، شهداء وجرحى ومعاقين، واسر موجوعة وأيتام وأرامل..وترتب على ذلك إستحقاقات معنوية وأخلاقية ومالية، تعاملت الحكومة معها بلغة الطرشان.
برغم أن للحشد الشعبي قانون؛ تم إقراره من قبل البرلمان، وصادقت عليه رئاسة الجمهورية، ونشر في الجريدة الرسمية، وتكاد سنة من عمر الزمن تنقضي على تشريعه، إلا أن الحكومة كانت حلوة اللسان قليلة الإحسان، إذ لم تنفذه بالمرة..!
عدم تنفيذ قانون الحشد الشعبي، وخصوصا الشق المتعلق بإستحقاقات مقاتلي الحشد المالية، أمر يثير كثير من التساؤلات، كما يثير شبهات أكثر حول أسباب عدم تنفيذه.
الحكومة تتعكز على عدم توفر سيولة مالية لديها، لكن هذا الأمر متهافت من أساسه، لأن عدم توفر السيولة المالية، لم يكن سببا لإيقاف رواتب كبار مسؤولي، وكبار الموظفين، والنواب وأعضاء مجالس المحافظات، بل عموم الموظفين في الدولة، ولم يكن سببا لإيقاف نشاطات، طابعها الترف والإنفاق اللامبرر.
إن عدم إيفاء الحكومة؛ بإلتزاماتها المالية تجاه مقاتلي الحشد الشعبي، وتعاملها مع رواتبهم على أنها "صدقة"، لهو أمر يدعو للإعتقاد أن هناك مؤامرة على الحشد، وأن ثمة أياد خفية في الحكومة والدولة، تحارب المقاتل برزقه وإستحقاقه المالي؛ وفي أقل التوصيفات حدة، فإننا إزاء دولة جاحدة لفضل الحشد الشعبي وتضحياته.
كلام قبل السلام: الى كل من ينتمي الى الدولة والحكومة، مسؤولا كان أو موظفا، هل يقبل أي منكم؛ أن يعمل براتب مقداره 625 الف دينار، في ظروف كالتي يعمل بها مقاتلي الحشد ؟!
سلام...
https://telegram.me/buratha