قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
أثنبتت العمليات الإرهابية الأخيرة، التي عصفت ببغداد في الأيام الفائتة، أن الدولة وبعد أن غابت عن مجالات كثيرة، منها الإقتصاد والخدمات والصحة، والتعليم والبطاقة التموينية، تَغيبت اليوم وبشكل فاجر عن الأمن، وأن الذي جرى إستباحة مستباح أصلا، لأن الذي لا يستطيع أن يردع موظف أو مسؤول فاسد، لا يستطيع توفير الحد الأدنى من متطلبات الأمن.
صحيح أن قواتنا تحقق في جبهات القتال ضد الدواعش، إنتصارات متلاحقة وباهرة، يحق لنا أن نفخر بها؛ لكن الصحيح أيضا؛ أن بؤر الإرهاب القوية في بغداد ومحيطها، مازالت محتفظة بقوتها وبجسمها، الذي لم يتعرض الى ضربات حاسمة ومميتة، ومازالت مناطق شمال بغداد وشرقها وغربها وجنوبها، مصدرا لكثير من العمليات الإرهابية، بل ما تزال مناطق بعينها في العاصمة تشكل بؤرا إرهابية، ومصدرا لتخويف سكان بغداد.
الصحيح أيضا أن ترفاً أمنياً إن صح الوصف، هو الذي يطبع القيادات الأمنية في بغداد بطابعه، حيث أكتسبت هذه القيادات حصانة لا يُعلم مصدرها، ضد المسائلة عن أخطائها وممارستها، كما بتنا نتوفر على نوع جديد من المال هو :"المال الأمني"، وهو مال الرشى والسحت، ذلك الوباء الذي تفشى في جسد المؤسسات الأمنية قيادات وأفراد، بشكل بات فيه الحصول على المال؛ هدفا قبل توفير الأمن.
إن ما حصل في الأيام الماضية، ليس إختراقا أمنيا يمكن معالجته، بتشديد قبضة القوات الأمنية على الشارع، ولا هو ناقوس خطر، نبهنا الى ثغرة هنا أو هناك، بل هو نتيجة طبيعية، للمآل الذي آلت اليه منظومة الأمن؛ في بغداد لأسباب كثيرة، مشخصة بدقة حتى من قبل المواطن البسيط، ويفترض بنا إذا أردنا المحافظة على أمن أهل بغداد، أن نواجهها بحزم وقوة، بعد أن نسمي الأشياء بإسمائها.
الحقيقة ليست مرة؛ كما توصف في أغلب كتابات الطيبين، لذلك ومثلما يفترض بنا إعادة النظر بشكل جدي؛ بالمؤسسات الأمنية وقياداتها الراهنة، التي لم تفلح بأداء الواجبات المنوطة بها، فإن علينا مقارعة الساسة الذين أوقفت تدخلاتهم الطائفية الفجة، كثير من العمليات الأمنية الواجبة التنفيذ، في مدينة بغداد وحزامها.
بلا مواربة فإن هيبة الدولة على المحك، وظهور المقاتلين في جبهات العز يجب أن نحميها، بتوفير أمن مستتب بكفاءة وإقتدار، وليس بأجهزة يقودها ضباط منشغلين؛ بما يجنون من منافع وأموال، يدفع ثمنها العراقيين أوجاعا وآلاما ودماءا..!
لا يكفي التباهي بأن هيبة الدولة، أعادها الشجعان في جبهات القتال ضد الدواعش؛ كما أن أنباء قتل الإرهابيين، ولو بالعشرات أو المئات يوميا، وإن كانت مفرحة، إلا أن استمرار العمليات الإرهابية في مدننا وعدم تراجعها، يكشف عن ضرورة مراجعة الموقف الأمني برمته.
بسط الأمن مسؤولية الدولة، فإذا تحقق وتوفّر، يسير ما سواه من نشاطات إنسانية بشكل سلس، وينتشر الشعور بالأمان والهدوء والاستقرار ويشيع، وعندها يمكن الحديث الجاد عن هيية الدولة،، أما إذا لم يستظل مواطني الدولة بمظلة الأمن والأمان؛ فلا معنى للكلام عن هيبة الدولة.
كلام قبل السلام: كلمة الحق تقف دائما في الحلق لأنها كبيرة..!
سلام...
https://telegram.me/buratha