قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
الفساد كان موجود منذ زمن قديم، وهو صفة مرافقة للدول والإدارت منذ عرفتها البشرية، ولكنه لم يكن بمثل ما هو عليه في زماننا هذا، نعم كان موجودا؛ لكنه لم يكن بمثل هذه الحدة أو العلنية، بل لم يكن مشرعنا مثلما هو عليه الآن.
الفساد ليس إداري فقط، أو مالي فحسب، مثلما يتبادر الى أذهان الناس دائما، وهو أشد أنواع الظلم وطأة على الشعوب، ويثير لديها مشاعر الغضب؛ أكثر من أي مسببات أخرى، فقد يرضى الناس بالفقر لحين، إذا اعتقدوا أنه واقع غير ناجم عن ظلم، لكنه سيكون مصدرا للغضب، أذا لم يكن "واقعا" بل كان "بفعل فاعلين".
يكون "فعل الفاعل" أشد وطأة وظلما، أذا نتج عن ممارسات الدولة، لأن مفهوم الدولة "الأب" لم يغادرنا بعد، لكن بدأ يحل محله مفهوم الدولة "اللص"؛
الفساد ليس أخطاء إدارية فحسب؛ إذ ثمة حدود لأخطاء الأدارات، وثمة مستويات لضعفها؛ الناتج أما عن قلة التجربة والتدريب، أو لضعف التخطيط، أو لقلة التمويل، أولعدم تناسب الأجور مع الجهد، الموضوع أخطر من ذلك بكثير، وسيحتاج الفساد الى تسمية أخرى، بعدما تغول وخرج الى العلن، وسيمكننا أن نسميه ما شئنا من الأسماء، خصوصا بعد أن أضطررنا، الى إنشاء عشرات الأجهزة المعنية بمكافحته، ونكتشف صدفة أنه قد أستطاع إبتلاع تلك الأجهزة، وأنه تمكن أن يطبعها هي الأخرى بطابعه الأسود!
سنحتاج أن نبحث في مختار الصحاح، عن تصريف جديد لفعل ثلاثي أساس مادته (فـ سـ ـد )، ونحن نرقب العجز الفاضح للمخلصين أزاءه، ونحن نرقب التكاسل المشين، للجهات المعنية بمكافحته، وسنبقى عاجزين ولا نجد إجابات نقنع أنفسنا بها، عن مدى مصداقية محاربة الفساد، رغم (المانشيتات) العريضة على صفحات الجرائد، التي تتحدث عن مكافحته بإسهاب.
شعور المواطنين نحو منظومة الفساد؛ بات يتصاعد يوما بعد يوم، وبدأ بالتحول حثيثا؛ من مجرد الاشمئزاز والاحتقار تجاه منظومة الفاسدين، بعدما أتخذت المنظومة أسم دولة، إلى الإحساس بمرارة الظلم المسلّط عليه، جراء سرقة قوت أولادهم، ومستقبل صحتهم وتعليمهم؛ بعد النهب شبه المنظم، لثروات البلاد وأموال الشعب.
كلام قبل السلام: بعد تغول الفساد؛ فإن الفاسدين، سواء كانوا أفرادا مبعثرين؛ أو جماعات منظمة، إنما يسرقون حقّنا في حياة كريمة، أو الحدّ الأدنى المعقول من وسائل العيش على الأقل..!
سلام..
https://telegram.me/buratha