قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
تمتلك الشعوب ذاكرة مدهشة، ليس لأنها ذاكرة جماعية تعمل كمحصلة لمجموع ذاكرة الأفراد، لكن أيضا لأن الألم لا يمكن نسيانه.
ذاكرة شعبنا من هذا النمط، وهي ذاكرة مطهمة بكم هائل من الآلام والمشكلات، وهي لم تسجل لغاية صباح هذا اليوم، حديثا لمسؤول حكومي أو معارض؛ من نوع أين نقف الآن؟ وكيف نرسم استراتيجية؟ وكيف نصل إليها؟ وكيف ننفذها؟ ثم أين نريد أن نكون؟
هذه التساؤلات سألتها شعوب غيرنا قبلنا، ومضوا مجيبين عنها كمهمة مقدسة، تؤطر مستقبلهم، وأنطلق غيرنا من نقطة الحاجة للأجابة عنها، قبل توفير ورصد المال المطلوب للتنفيذ فوصلوا، ولكننا توقفنا عند عتبة الخيبة، وليس ثمة ماهو أسوأ مما نحن فيه!
صناع القرار المتعاقبون على ركوب ظهورنا؛ لم تفارقهم (أنا) متضخمة ومصلحة شخصية، وربما فئوية ومناطقية في أفضل الأحوال، وتقودهم تلك (أنا) حتما إلى عقدة مؤداها؛ إذا أنا لن أقطف الثمار ، فأن من سيأتي بعدي سيقطفها.
لذا فأن عقولهم لا تتوخى إلا الإنجاز السريع؛ والكسب السريع المحشو بالأخطاء، فتذهب خلالات العبد "فلوسنا" في كثير من الخطط والمشاريع، إلى سوء المنقلب وبئس الجيوب!
دعونا نتحدث عن مغزى وجود كثير من مؤسسات الدولة، واسألكم بحق العيش والملح؛ الذي بين كل رئيس ومرؤوس، ومدير ومدار، ووزير ومزار، وزعيم ومزعوم، وقائد ومقاد منا، كم من وزارة أو مؤسسة، أو أدارة عامة أو هيئة، لها مبرر مفهوم للوجود!..
الأمثلة أكثر من أن تحتاج الى إحصاء، وسنطرح بعضها كمدارات للأسئلة، كرشات ملح على جرح مفتوح، ومنها مثلا؛ ما معنى وجود هيئة إتصالات مثلا، وعندنا وزارة إتصالات؟ وما معنى وجود هيئة نزاعات ملكية، وعندنا هيئة قضاء، وما معنى وجود هيئة قضاء، وعندنا وزارة عدل؟ وما معنى وجود وزارة حقوق إنسان وعندنا وزارة شؤون إجتماعية؟ وما معنى وجود مؤسسة شهداء، ومؤسسة سجناء سياسيين، سيما أن عملهما من صميم مهام وزارة الشؤون الأجتماعية؟
ما معنى أيضا لوجود هيئة الإعلام العراقية، التي تحولت الى وزارة إعلام، في وقت كان من المؤمل فيه أن نغادر والى الأبد، إعلام الحكومة والدولة، وتمجيد المسؤولين الحكوميين، التي بات المهمة الأولى وربما الوحيدة، للمكاتب الإعلامية للوزارات.
كما أننا لسنا بحاجة لوزارة صحة، ولدينا والحمد لله، آلاف المشتغلين بالسحر والشعوذة، والشفاء بالرقية الشرعية، وعشابي الأزقة الضيقة، الذين يعلقون لافتلت تشير الى قيامهم، بمعالجة أخطر الأمراض وأصعبها!
الأمثلة كثيرة جدا، ومنها أننا نمتلك سبعة أجهزة أمنية إستخبارية رئيسية، ليس بينها حد مقبول ومؤثر من التنسيق، وإلا لو كان مثل هذا التنسيق متوفرا، لما أستطاع الإرهاب إختراق مدننا المحصنة بتلك الأجهزة، ولما تحركت عصابات الجريمة المنظمة، في رابعة النهار!
كلام قبل السلام: معظم مؤسسات الدولة؛ لا تعرف معنى أن يكون لها هدف؛ لذلك فإنها تضعنا دائما، في نقاط إختناق ليست متوقعة!
سلام..
https://telegram.me/buratha