قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
علاقة الحاكم بالمحكوم، تكمن في أن المحكوم يتنازل بإرادته؛ طوعا أو كرها، عن حقه في تقرير كثير من تفاصيل حياته بنفسه.
لذلك فإن علاقة الحاكم والمحكوم؛ يمكن عَدُها أسوأ علاقة أوجدها الإنسان لنفسه، بقبوله بالشكل المهين الممتهن للكرامة الإنسانية..هذه العلاقة التي تعيد الى ذاكرتنا كلما شعرنا بوطأتها، أوائل أشكال العلاقات الإنسانية، المتمثلة بالعبودية والقنانة، ويمكن وصف العلاقة بين الحاكم والمحكوم، بأنها ذات العلاقة بين الظالم والمظلوم، فكل حاكم ظالم، إذا لم يحكم بما أنزله تعالى.
ثمة نتيجة مُسببة؛ في أنظمة الحكم بمختلف أنواعها، وهي أن وطأة إستعباد نظام الحكم للمحكومين، تزداد كلما كثر عدد الحكام الصغار، الذين أوكل إليهم الحاكم الكبير؛ بعضا من صلاحياته..
الحكام الصغار المخولون من الحاكم الكبير، يتصرفون وفقا لنظام طاعة؛ تحكمه الرواتب والأجور التي يتقاضونها من الحاكم، إلا أنهم ؛ وكي يعبروا للحاكم عن مدى إلتزامهم؛ بنظام الطاعة ـ القنانة الذي يربطهم به، تراهم يمعنون بإمتهان المحكومين، تزلفا وقربى للحاكم الذي إستمرأ نظام الطاعة الصارم، الذي أوجدته القوانين والتشريعات والأنظمة والتعليمات الحكومية.
خلقت الطبقة الحاكمة بصفوفها الأولى والتي تليها، حالة من الإحباط الشعبي، وترجم الإحباط لاحقا الى مطالبات واسعة بالإصلاح، ثم ما لبثت أن تحولت الى مطالبات بمحاربة الفساد، ومحاكمة الفاسدين واسترجاع المال العام، ولكن ونظرا لحالة الإنغلاق؛ التي خلفتها عقلية الحاكم والمحكوم، أعتبر الحاكم أن هذه المطالب وكأنها لائحة إتهام ضده!
كلما طال الأمد بالحاكمين جلوسا على ناصية الحكم، تزداد القطيعة بين الحاكم والمحكوم، وشيئا فشيئا ينظم المحكومين صفوفهم؛ ليتخلصوا من ربقة قيود الحكم، وعند ذاك تتولد الفوضى التي لم يكونوا سببا فيها، بل كان الحاكم سببها الأول، لأنه أختار علاقة مبنية على أسس مخطوءة بهم.
المنطق السليم يفترض أن تقوم تلك العلاقة؛ على قبول طوعي من قبل الشعب، بقيام مجموعة منتقاة من أبناءه، لإدارة شؤونه، بدلا من العلاقة القائمة على فكرة الحاكم والمحكوم البدائية.
حينما يجد الشعب أنه تحول الى قطيع "يُساس"، بدلا من أمة "تُدار" شؤونها، يجد أن لا مناص أمامه، إلا أن يقوم بعملية تغيير جذرية وحاسمة، تأتي بأسلوب جديد لإدارة شؤونه، لا يقوم على فكرة الحاكم والمحكوم، بل على منهج الخادم والمخدوم، وهذا ما سيكون حينما يتقدم الصفوف، رجال وضعوا الوطن بين الضلوع، وليس في الجيوب!
كلام قبل السلام: عَرَّف اينشتاين الغباء انه " فعل نفس الشئ مرتين بنفس الاسلوب ونفس الخطوات مع انتظار نتائج مختلفة"..!
سلام...
https://telegram.me/buratha