المقالات

تجارب الاسلاميين.. اشكالية الدولة والنخبة والشعب


كتب الشيخ راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة التونسي قبل مدة غير قليلة مقالة بعنوان "عندما نقود الناس علينا ان نقودهم ونحن اكثر إمتلاءً"، تلخص تجربة حزب النهضة التونسي وغيرها من احزاب اسلامية عربية. ربطتني بالشيخ راشد علاقة عميقة رغم قلة اللقاءات. فلقد وقفنا مع الشيخ واخوانه في محنته عندما حكم عليه بالاعدام وعند هجرته وجندنا مطبعتنا في فرنسا للدفاع عنه وعن اخوانه. ولقد التقينا لقاءات في طهران ولندن وهو عالم ومفكر يتمتع باستاذية ومعروفية كبيرتين.. ولقد وقف معنا، ما يستطيعه، في محنتنا في مواجهة دكتاتورية صدام. انقل ادناه نص مقالته المختصرة والمملوءة عبر، لمن يريد ان يعتبر:

["الاحزاب اسست من اجل ان تضحي من اجل الاوطان، ولم توجد من اجل أن نضحي بالوطن.. ما يعيق التطور الديمقراطي هو إنقسام المجتمع، وخصوصاً عندما يكون الانقسام ذا صبغة أيديولوجية، إسلامي/علماني، انصار الثورة/اعداء الثورة.. الديمقراطية الانتقالية تاسست هشة ولم تحتمل الانقسام وهذا يؤدي الى قرب إنهيار النموذج.. الدول التي لا يوجد فيها ديمراطية مستقرة راسخة، لا تصلح لها 51% من أصوات الشعب.. عندما اخذنا معظم السلطة إخذناها على قراءة خاطئة، على اساس اننا أخذنا الاغلبية، دون ان ننتبه لميزان النخبة الذي نحن ضعفاء فيه.. الذين انتخبوا الرئيس مرسي 51% فارغة من ميزان القوة، والذين عارضوه 49% مليئة بالقوة الصلبة (المال، الاعلام، القضاء، الشرطة، الجيش، الاقتصاد، الفن، اصحاب المصالح والنفوذ.. الخ).. جبهة الإنقاذ في الجزائر حصلت عام 91 على 80% من الأصوات العاطفية الناعمة،

في حين كانت النخبة والقوة الخشنة مع الـ20%، والحصيلة 250 الف قتيل، ورجوع للخلف عشرات السنين.. لا يمكن ان تحكم مجتمعاً رغم نخبته، إلا إذا مارسنا قدر عالي من العنف وهذا اثاره كارثية.. نحن الاسلاميين فقراء من حيث القوة الصلبة، فقراء في النخب، لأننا لم ناخذ وقتنا، خرجنا من السجون وعدنا من المهاجر واختارتنا الناس بالعواطف، فكيف لنا أن نحكم بهذا الغثاء العاطفي النخب التي في أيديها كل شيء؟!.. معظم معاركنا هي للمحافظة على الوجود وليس للتجديد والتطوير والابداع.. عندما شعرنا في تونس أن السفينة بدأت تغرق بدأنا نتخفف شيئاً فشيئاً حتى تبقى مبحرة، ثم خرجنا كلياً من السفينة "الحكومة" حتى تستمر في الإبحار، وقلنا أن تونس اولاً وقبل النهضة (الحزب).. نحن الاسلاميين عندنا ضعف شديد في إدارة التحالفات والتواصل حتى مع الاحزاب القريبة منا، وهذا يحتاج منا أن ندرب أنفسنا على بناء التوافقات لأن المجتمع غير مهيىء للديمقراطية.. إذا كان الخط السياسي صحيح لا تبالي بعدد مخالفيك لأنهم سيتكاثفون عليك، واذا كان الخط السياسي غير صحيح لا تبال بكثرة أشياعك لأنهم سينفضون من حولك."] (انتهى)

دروس التجربة التونسية مهمة لتشابه الكثير من الاشكالات معنا.. والتي لا تخص الاحزاب الاسلامية العراقية الحاكمة اليوم فقط، بل اشكالات برزت ايضاً في فترات صعود اليسار، والحركة القومية، والبعث، خصوصاً خلال النصف الثاني من القرن العشرين. فمن يبحث عن قيادة البلاد يجب ان لا يفكر بالسلطة، او بالنخبة، او بالانتخابات، او بالشعبوية والعواطف فقط.. بل عليه اساساً ان يكون ممتلئاً ومهيئاً لهذه الامور، وهذا يتطلب الصبر والتعلم ووضع الامور في نصاباتها، فالاشكالية ليست مسألة بسيطة او جديدة، وقد سعى كثيرون لمعالجتها.

نجد نصاً رائعاً لأمير المؤمنين عليه السلام في عهده لمالك الاشتر: "وليكن أحب الامور اليك اوسطها في الحق، واعمها في العدل، واجمعها لرضى الرعية، فان سخط العامة يجحف برضى الخاصة (يذهب برضاهم)، وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة". ويقودنا تحليل النص لأربعة مسارات محتملة، دون ذكر مشتقاتها. الاول، كسب تأييد الشعب (العامة) ليخفف غضب النخبة (الخاصة).. والثاني، كسب تأييد النخبة، ليخفف غضب الشعب.. وهذان مساران سيبقيان قلقين ما لم يقودا للمسار الثالث والمتكامل وهو، كسب النخبة والشعب، فينتشر العدل والاطمئنان والرضا.. اما الرابع، فخسران الشعب والنخبة، ونتيجته القمع والاستبداد والظلم والتبعية والخسران.

عادل عبد المهدي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك