قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
كلما يمضي الزمان بنا الى الأمام، خصوصا بعد أن أمضينا قرابة اربعة عشرعاما، من التعاطي مع ما أصطلح عليه بـ"العملية السياسية" جزافا، يتأكد لنا أن هذا المنتج الأمريكي؛ "شيء هلامي" لا يحتمل هذا الأسم البتة، نظرا لأن المفهوم العملياتي لم يتحقق فيه لحد الآن.
مفردة"العملية" تفترض نظما للأمور، وهو شأن مفتقد فيما نحن فيه من حال، فالسائد هو التشرذم السياسي، وعدم الثبات على المواقف، وإفتقاد الروح المنهجية، وشيوع أجواء فقدان الثقة بين مختلف الفرقاء.
توصيف الأشياء بمسمياتها المُستحقة؛ أمر ضروري جدا كي نتجنب خطأ التوصيف، ولهذا سنقترح أسما بديلا لهذا الهلام السياسي، وسنطلق عليه أسم"الوضع السياسي".
في "وضعنا السياسي" الراهن؛ نرى أن هناك أفرادا ليسوا مؤهلين بقدر كاف "للعمل" السياسي، أنخرطوا في الحقل السياسي، يتصارعون بأدوات بدائية على الحكم، معظمهم يقول أنه يريد مصلحة الشعب، وهو في الحقيقة لا يريد إلا مصلحته الضيقة، في إطار حزبه أو فئته أو منظمته أوما شئت من إنتماءات؛ تضيق كلما كان ريع النشاط السياسي عالي المردود!
في "وضعنا السياسي" الراهن، ونتيجة لتعقيداته ومهما خلُصَت نيات الذين يرغبون بالبديل الصالح؛ أن يأتوا بشيء جديد لحل المشكلات، أو تقديم رؤية صالحة لإصلاح و تنمية البلد؛ أفضل مما جاءت به القوى الموجودة راهنا، داخل أطار الوضع السياسي الراهن، لا لشيء؛ إلا لأنهم خرجوا من بيئة واحدة، وإذا كانت هناك استثناءات، فهي قوى غير قادرة على الفعل، لأنها مغلوبة على أمرها؛ تحت ظل توازنات "الوضع السياسي" المعقدة.
في ظل هذا الوضع؛ وبعيدا عن هذا الهلام الذي ألتصق بنا؛ ألتصاق قطعة قير بعباءة أعرابي مصنوعة من صوف! يتكون شكل من أشكال العمل السياسي، بعيدا عن التواصل والإتصال بالقوى السياسية المنظمة، هذا الشكل هو ما يمكن أن نعبر عنه بمعارضة الشارع..!
معارضة الشارع؛ تعني ببساطة أن ثمة وعي ميداني يتشكل وبثبات، هذا الوعي يبنى؛ على أساس رفض "كل" الذين داخل الوضع السياسي الراهن، ويشمل أيضا والى حد كبير؛ الذين هم خارجه!
معارضة الشارع؛ عبرت عن ذاتها ووجودها وبشكل عفوي، من خلال وقفات إحتجاجية صغيرة هنا وهناك، أو من خلال تظاهرة متواضعة؛ من حيث عدد المشاركين فيها، في هذا القطاع البشري أو ذاك، جميعها تطرح مطالبا معظمها مشروع، يؤكد أن "الدولة" وهي منتوج "الوضع السياسي"، لم تفلح في بناء علاقة سليمة مع الشعب، تجنبها تكرار مظاهر الإحتجاجات، التي إذا جمعناها الى بعضها، سنجدها تشمل قطاعات واسعة من المواطنين، وبنسبة يمكنها أن تسلب الشرعية عن "الوضع" الراهن.
ثمة أمر ثان لا يقل أهمية، وهو أن معارضة الشارع؛ وهو تراقب تصارع القوى السياسية، على المواقع الحكومية بعلنية فجة، سيكون لديها ما تعبر فيه عن مقتها؛ لهذا الأسلوب القذر من أساليب الصراع السياسي، وستجد القوى السياسية نفسها، أمام مأزق فقدان"الوضع السياسي" الراهن، ما تبقى له من شرعية وغطاء..!
كلام قبل السلام: الأمر الثالث؛ وهو أن معارضة الشارع ونتيجة لعفويتها؛ فإنها وفي طريقها للتخلص من قطعة القير، التي التصقت بعباءة الصوف، لا يستبعد أن تمزق العباءة نفسها..!
سلام...
https://telegram.me/buratha