واثق الجابري
زيارة مفاجئة لوزير الخارجية السعودي الى العراق، ولأول مرة لمسؤول رفيع المستوى بعد 2003م وقطيعة تقارب 26 عام منذ إجتياح الكويت عام 1990م، ومن يقرأ الواقع العراقي يقولها أنها حتمية متوقعة، وتأخرت لأسباب ولو أنها سبقت هذا الوقت لكانت أكثر إيجابية للبلدين.
العراق بلد مهم، ولن يقتصر حديث الزيارة عن السياسة، وبين البلدين ملفات شائكة ومشتركة أمنية، إقتصادية، إجتماعية ودينية.
السعودية واحدة من الدول العربية؛ التي كانت تروج بأن العراق حامي بوابة العرب الشرقية؛ أبان الحرب العراقية الإيرانية ونفس ذلك المقاتل صار العرب ينظروه بطائفية، وتباينت المواقف من تغيير أنظمة المنطقة والربيع العربي بين رافضة وداعمة، وفي العراق رفض النظام الجديد من محيط عربي؛ حتى توقعوا أن القاعدة وداعش قادرة على لَيْ إرادة الشعب العراقي وإخضاعه لمنظومة إستعباد الشعوب بالقوة.
ذرائع عدة أعطاها العرب لأنفسهم للتدخل في العراق، ولكنهم لو يتوقعوا عودة الإرهاب الى بلدانهم، ولم يأخذوا بنصائح وقناعة العراق، التي تشير بأنه ليس من المصلحة أن يدخل الإرهاب الى أي دولة في العالم سيما العربية منها والمجاورة والسعودية تحديداً؛ لطبيعة تركيبتها الإجتماعية وأرضيتها المناسبة لتنامي الإرهاب؛ من تغذية ودعم مدارس وعلماء وأئمة مساجد، ولم يك في حساب السعودية إنتصار العراق في معركة مع إرهاب عجزت عنه جيوش عالمية.
في زيارة وزير خارجية السعودية عادل الجبير لبغداد؛ أمل كبير لدى بغداد والرياض من عودة العلاقات، وأن كانت بمستوى ضمان الحيادية، وخطوة إستشعرتها الرياض متأخرة؛ ولكن هذا لا يمنع من وجود معرقلات تسعى لإفشال التقارب بين البلدين؛ إذا كانت هناك رجل دين متطرف يعتاش على الطائفية في السعودية، وهنا سياسي تجارته الأزمات وتفسيره لكل القضايا بنظرية المؤامرة والتخوين، وكثير من أولئك المشاكسين ربما لا يفقهون السياسة ومصالح الدول المشتركة، وما يزال لا يُجيد الحساب وجدول الضرب؛ حينما لا يٌقدر ضرر المشكلات عند القطيعة؛ بين بلدين حدودهما تصل الى 800 كمأ وإستقرار أي من البلدين سينعكس بالإيجاب على الآخر.
لا حرب ليس بعدها سلام، وكل الحروب تنتهي بطاولات مفاوضات، ولولا تضحيات العراقيين ونصرهم لما جاء وزير خارجية السعودية.
الزيارة ليست مفاجئة للمتابع بعين العقل، وسبقتها تكهنات وحلقات وصل وقناعات وصل لها العالم، وحتما ستكسب الإنسانية مكسبها حينما تتوقف شلالات الدماء، والعراق أثبت للعالم قدرته على دحر أي خطر يواجهه، وله أبطال إستطاعوا صد 600 سيارة مفخخة في جانب الموصل الأيسر، وفي أيمنه ما يقارب 16 مفخخة، وفي الساحلين آلاف المتفجرات والعبوات، وفي نفس الوقت خسر الجيش العراق في حربه على الإرهاب 28 مليار دولار ومن خيرة شبابه، وتنتظره مدن مدمرة بحاجة لإعمار وإعادة ملايين النازحين، وهذا يحتاج سياسة ناضجة مبنية على علاقات متوازنة تحفظ سيادة البلد، وكل الرؤوساء والوزراء والسفراء ستجمعهم بغداد بعد نصرها وعند وحدة ساستها، سيأتي العالم صاغراً أمام كبرياء شعبه وحبه لوطنه وصلابة مرجعيته الينية، وأول الغيث "جبير" وقوادم الأيام حبلى بالزيارات،والأهم أن تكون السعودية مؤمنة بما قالها وزير خارجيتها في بغداد.