توقع العراقيون أن أبواب ونوافذ الديموقراطية سيفتحها الساسة بعقولهم وأيديهم وسعي أرجلهم، وإذا بهم يرونهم في أبراج عاجية يصعب مشاهدتهم، ويطلّون برؤوسهم، ويلقون من الأعلى خطابات عشوائية؛ تفرق المجتمع أشياعاً وأتباعاً.
قَسّمَ نموذج الفعل السياسي مجتمعنا الى فرق، ومسح نقطة إلتقاء تجمع الناس، وتوزعهم حسب واجباتهم وإستحاقاتهم وحقوقهم.
صار الإشاعة والتصريحات والكذب والخديعة، وإثارة الفتنة والتلاعب بالمشاعر، من أهم مقومات بناء الشخصيات المهزوزة سياسياً، وبات الحديث أشبه بخيال يرنح عقول المجتمع، وبدرجة أكبر من البحث، عن الوئام والإلتقاء والإنسجام.
لم نعد نفهم ماذا يُقصد في كثير من أفعال الساسة، ولم نفسر أجوبة نائب عن الإنسحاب من البرلمان، فهل كما يقول لتطبيق البرنامج الحكومي؟! فالأولى الإنسحاب من المناصب التنفيذية وليس التشريعية؟! أو لأن داعش تسيطر وتذبح وتحرق الإجساد؟! فالمفروض أن يكون في خط المعركة الأول، وهل هذا ردٌ لجميل تضحيات الحشد الشعبي وأبناء العشائر، والأصوات التي كانت تعتقد أنهم ممثلين لهم؟! وهل أعورت الأعين وداعش لا يفرق بين عراقي وآخر؟!
كما لم أفهم لماذا يُصر نائب في أكبر كتلة برلمانية كما يعتقد، بأن يتهم البرلمان العراقي ويخدع الشارع بإستلامهم مبلغ 60 مليون تحسين معيشة، وبالطبع لا أُبرئ ساحة معظم السياسين وإنتهاجهم الإنتهازية، وتغليب مصالحهم على شعبهم، لكن حكم النيابة هو تمثيل حقيقي وقيادة شعب، فكيف يمكن أن يبقى عضو مُصر على تزوير الحقائق بلا عقاب؟!
يرفض النائب الأول دخول الحشد الشعبي، بينما يطلب تدخل قوات التحالف، والثاني يتهم التحالف الدولي بالتقصير في دعم القوات العراقية، ويطلب المزيد من الجهود العالمية لمحاربة داعش، في وقت يقول أن الأمريكان يدعمون بالسلاح قوى الإرهاب، وأن دول العالم هي من تعيق نمو الديمقراطية في العراق، وأنه واحد من بين المتحمسين على ترسيخها، ولا يليق بالديمقراطية إلاّ ان يحكم هو وحزبه وعائلته؟!
نعيش منذ سنوات سفسطة سياسية بأطر إعلامية، وسجالات تحول الى ساحة إتهامات، وفتح أبواب جهنم على جمهور يَدور في دوامة الأكاذيب، ونشر الفتنة وفقدان الثقة بالطبقة السياسية، وتشضي المواقف بعيداً عن السعي للإصلاح السياسي والإجتماعي، وعزل العراق عن عالم بدأ يستشعر أن خطر الإرهاب لا يقف عند حدود العراق، وأن النكبات جاءت بفعل أخطاء سياسية داخلية، ومزايدات دوافعها شخصية.
السؤال الذي يسأله المواطن، إذا كان للدول مصالح تدافع عنها، فما الذي يمنع ساسة العراق، من توحيد مواقفهم لمصالح شعبهم؟!
مشكلة ساسة العراق، أنهم إبتعدوا عن أرض واقعهم، وصاروا في أبراج لا يرون البلد سوى مربعات، والناس تسير كالنمل، وأن المزايدات والكذب والخداع، هي لغة البقاء بعد فشلهم في أدارة مهامهم، وأن شعبهم يموت ويحلو لهم التفرج على معاناته، وأنهم من أغلق أبواب الديموقراطية بإنتهازيتهم، وإستخدامهم الخطابات التضليلية.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha