قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
ثمة أسباب كثيرة للتقيؤ، بعضها لأسباب ترتبط بإمراض عضوية، وأخرى ناجمة عن فسلجة الجهاز الهضمي، وأخرى بسُمية بعض الأطعمة، لكن هناك سبب أهم، وربما يشكل سببا لأكثر أحداث التقيؤ شيوعا.
بعض الأشخاص يضعفون أمام الطعام، أما لنوعه اللذيذ، أو لندرته أو لكثرته؛ فيتناولون كميات كبيرة من؛ لا يلبثون أن يضطروا لتقيؤها، لأن مِعدهم لا يمكنها إستيعابها فترفضها برغم لذتها أو ندرتها.
تجارب كثيرة مرت بها أمم غيرنا، خرجت منها الشعوب بخلاصة مهمة، وهي أن الديمقراطية الزائدة عن اللزوم تتحول وبسرعة الى فوضى، وسرعان ما يتفاعل هذا الفائض؛ مع المخرجات السيئة التي سبقته بالوجود، فتتولد عن هذا التفاعل؛ تدرنات ونتوءات وعصبيات وفئويات، يصبح تجاوزها أو التخلص منه صعبا، وسيكون الوضع أصعب، بعد أن تمتد إلى داخل مؤسسات الدولة، وجسمها السياسي والدستوري،
فائض الديمقراطية أو بالأصح قيئها، يحول البلد إلى ولاية بطيخ، فالديمقراطية الزائدة عن اللزوم، أنتجت فئة مقاولي ممارسة الفوضى، هذه الفئة تفعل ما يحلو لها، من التخريب واستدعاء الأمية والتخلف، وصولا إلى ما يصطلح عليه في الأدبيات السياسية؛ بالديمقراطية المنفلتة.
بُعيد التغيير النيساني عام 2003، وبعد زوال نظام القيح الصدامي الشمولي، كنا في بدايات نوايانا الطيبة، وكنا نحلم؛ بالوقوف على خط شروع واحد لنا جميعا، وكنا نردد بأن العراق؛ باقة ورد فلندع ألف زهرة تتفتح، وكنا نؤمل أنفسنا؛ أن يكون تفتح زهور الديمقراطية في حديقة الوطن، وليس على سوره أو خارج نصوصه الدستورية.
لكن النوايا الطيبة، أثمرت ديمقراطية زائدة عن اللزوم، ولأننا حديثي العهد بلعبة الديمقراطية، ونتيجة لغياب الضوابط التي تكبح الفوضى، تحولت الفوضى إلى نمط حياة شبه دائم، وباتتت تقاليد ثابتة بالعمل السياسي.
النوايا الطيبة كانت تردد مفهوما للديمقراطية؛ يعني "التزام" الأقلية برأي الأكثرية، على أن "تحترم" الأكثرية انشغالات الأقلية، لكن فائض الديمقراطية، غول الساسة مقاولي الفوضى في الأقلية، وبأسم الديمقراطية تحولت العملية السياسية، إلى حال من الخطر والصخب والفوضى، المصحوبة بالدماء دوما، وهو أمر كان الساسة السُنة حاذقين فيه..
لقد وصل الأمر إلى أعلى مستوى من الانفلات، ولذلك بات من المتعين إعادة النظر، في أسلوب العمل الديمقراطي وإلغاء الفائض فيه، فقد تبين أنه أستُخدِم أسوأ استخدام، وتحول إلى سلعة جاهزة للاستغلال، وللإيجار ولإطلاق الأحكام، والاتهامات بالعمالة والتخوين، خصوصا بعد أن تم اختراق، عقول كثير من أبناء المكون السُني، وجرى إدخالهم في طاحونة الفوضى.
لقد قدمنا تضحيات كبرى على طريق الديمقراطية، لكن الأمور لم تفلت نهائيا بعد، وما زلنا قادرين على إيقاف إنتشار الوباء الناجم عن تفريخ الفوضى، وبإمكان العقلاء والحكماء في المكون السُني، وبمعونة إخوانهم الشيعة، اكتشاف الوسائل لإيقاف صورة الفلم عند هذه اللقطة.
كلام قبل السلام: الأغلبية تمتلك أوراقا كثيرة، تؤهلها لإعادة رسم المشهد، وما قدمناه على مذبح حريتنا، تضحيات جسيمة؛ لا يمكن أن نسمح بأن تتحول الى ذكرى خائبة، وما وصلنا إليه سنحافظ عليه، بنفس الزخم الذي أوصلنا أليه ،كحلم جماعي بات حقيقة لن نفرط بها..!
سلام..
https://telegram.me/buratha