قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
دُبّجت مئآت الكتب والبحوث والمقالات، بالحديث عن القيادة وإشتراطات القائد، وكلها تقريبا توصلت الى أن القيادة ترتبط دوما، بقضية يسعى اليها القائد..
وعلى صعيد العلاقة بين الإيمان والحياة، ثمة مسارين يحكمان هذه العلاقة، الأول هو من يفهم أن الإيمان يتطلب أن نموت في سبيل الله، دفاعا عن الحق وما يرتبط به من معاني، والثاني يفهم هذه العلاقة على أنها تعني، أن نعيش في سبيل الله، برا وعطاءا وسعيا من أجل الخير..
لكن القيادة كما يراها ديننا الحنيف؛ تتطلب جمعا بين المسارين، أي أن ننذر أنفسنا كي "نعيش" لـ "نموت" في سبيل الله..وتلك هي "القضية" التي خُلق لها القادة الحقيقيين، وتلك هي القضية التي تفسر معنى الشهادة وفلسفتها..
الشهيد السعيد السيد صالح البخاتي، كان قائدا من هذا النمط، "رجل رسم من الجهاد طريقاً فسار به، حتى نال المجد الأبدي الذي لا ينتهي، طريق لا تحده الأقواس، ولا تحجبه الأسوار"، ولقد كانت الثورة الإسلامية في إيران، ملهمته في طريقه هذا..
لقد كان وما يزال؛ حضورا ماثلا بيننا بقوة وعنفوان وشموخ؛ حضور الفعل والأثر والذكرى، و"من يعرفون السيد البخاتي فإن علامات للشموخ، وإشارات للنصر، كانت على الدوام؛ تحلق بين عينيه التواقة لكرامة الحياة في الآخرة".
عرفت السيد البخاتي سفينة، والسفن لا ترحل إلا لموانيء جديدة، موانيء تباع فيها العطور والبخور والرياحين والورود، وعلى سواحلها قصور من زبرجد، نوافذها مغطاة بستائر من أستبرق، وأرضها موشاة بسندس ونظار!
مرة في الثلاثاء التي كان بائتا عندي فيها؛ قبل ثلاثاء عروجه، ليلتها وبعد أن أقمنا صلاة الليل، سألني من أفتقده الآن، وكأنما كان مودعا: هل قرأت وصية الإمام الباقر عليه السلام لصاحبه جابر الجعفي، حينما قال عليه السلام: "إن المؤمن معني بمجاهدة نفسه ليغلبها على هواها، فمرة يقيم أودها، ويخالف هواها في محبة الله، فينعشه الله، فينتعش، ويقيل الله عثرته، فيتذكر، ويفزع الى التوبة والمخالفة، فيزداد بصيرة ومعرفة لما زيد فيه من الخوف،لا فضيلة كالجهاد، ولا جهاد كمجاهدة الهوى"..
سأعتها؛ قلت له نعم قرأت ذلك؛ ثم سألته بعد صلاة الفجر بقليل، مبديا قلقي على المستقبل؛ كيف السبيل الى بناء الوطن المدمر؟ فقال لي إن الوطن لم يدمر، بل إن الذي دُمر هو الإنسان, وتدمير الإنسان كان مشروع صدام، ومشروعنا هو إعادة بناء الإنسان..
كلام قبل السلام: اليوم قالت لي نفسي: أمض على طريقه، وسر على مشروعه، وأسترشد به بدرا ينير طريق سفينتنا، وبرّ الأمان نراه بعين اليقين في مرمى حجر.
سلام..
https://telegram.me/buratha