قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
"العيب" مفردة لا تخلو من مقابل لها، لغة من لغات الشعوب، وهي تعبر عن إحدى أو كل قيم مجتمع ما، وتخضع من خلالها، التصرفات والسلوكيات الإنسانية الى معيارية القبول والرفض..
إذن هي بالحقيقة الخط الأحمر الذي بتجاوزه، يحصل عدوان على تلك القيم، التي تختلف من مجتمع الى آخر، وترتبط بجملة عوامل، يقع الدين في مقدمتها، وتليه الأعراف والعادات والتقاليد، ثم القوانين والتشريعات..
كلما كانت المجتمعات أكثر رسوخا في تجاربها الأجتماعية، وضعت لنفسها قوانينها العرفية، التي تغدوا ملزمات لأبناء هذا المجتمع..
"العيب" واحد من أهم تلك الملزمات، التي تحكم تعامل الأفراد فيما بينهم، ويكتسب أهميته من كونه قيمة توارثية، تنتقل من جيل الى جيل، ولذلك وبرغم صرامة القوانين الشرعية والمدنية، إلا أن كابح "العيب" أقوى من تلك القوانين، إذ تعجز تلك القوانين أمام تصلب بعض الفئات المجتمعية، لإحدى عاداتها المرتبطة بقانون "العيب"، والتي توارثها عبر الزمن، حتى لو كانت هذه العادة مخالفة للشريعة الدينية.
ويصبح قانون العيب أشد تأثيرا على الممارسات، حينما يكون المجتمع مرتبط بدرجة ما، مع القيم العشائرية، وكلما كان المجتمع أقرب الى القبائلية والعشائرية، زاد تحكم قانون "العيب" بممارسات ألأفراد.
هذه المقدمة ضرورية، لترميز أهمية "العيب" في حياتنا كعراقيين، ننتمي الى حضارة ربما هي الأعرق، بين الحضارات الأنسانية.
"العيب" يرمز الى مستوى غير مقبول، لا يتعين على الفرد أن يفعل ما يوصله له، وهو ثابت متحول، بمعنى أن ما يصح أن يفعله فرد، لا يصح أن يفعله فرد آخر..فلا يصح لرجل الدين مثلا أن يغني!، مثلما لا يصح لعاهر ان تفتي، ولا يصح لضابط بالجيش، أن يرتاد محلات شرب الخمور، لكن المجتمع يسكت عن الرعاع وسفهاء المال، إذا أرتادوا تلك المحلات!
هذا الثابت المتحول؛ يكون أشد ملازمة للشخصيات العامة، منه الى الشخصيات الأعتيادية، فالشخصيات العامة، ككبار الموظفين العموميين، ورجال الدين والإعلاميين، وأعضاء السلك الحكومي الرفيع والمنخرطين بالحقل السياسي، تخضع لقوانين "عيب" أكثر صرامة، بل وبعض قوانينها خاصة بها..
لقد بات عيبا على المحامي، أن لا يرتدي بدلة رسمية وبألوان محددة، وهو يقف أمام القضاء مدافعا، وبات مستهجنا أن ترى سياسيا يلعب "جقلمبة"، فينتقل من كتلة سياسية الى أخرى، بين ليلة وضحاها، و"عيب" وأن ترى إعلاميا يوزع شتائمه وإتهاماته، ذات اليمين وذات الشمال، بغية إبتزاز مسؤولي الدولة والساسة!
كلام قبل السلام: أكثر ما يثير القرف والإشمئزاز، ويحيلنا الى إستخدام مقردة "العيب"، هي الممارسة السياسية السائدة هذه الأيام..فالحقيقة التي كشفتها تلك الممارسة، أنها "عيب" من أولها الى آخرها.!.
سلام...
https://telegram.me/buratha