قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
الى ما قبل عام 1968 تحديدا؛ لم يكن الحديث عن مكونات الشعب العراقي؛ متداولا بالكيفية والشكل الذي تتم به اليوم، نعم كنا نتحدث عن عرب وكرد تركمان وقوميات متآخية، وكنا نعرف كثيرا عن الشيعة والسنة، لكن ذلك كان بعنوان الحديث الإيجابي، المفضي دائما الى قو اللحمة الوطنية.
كان هذا الموضوع؛ مخبأ تحت رماد قهر الأنظمة الحاكمة؛ وإذلالها لمجموع الشعب بكل مكوناته، بيد أن النظام البعثي الصدامي، أوغل في ظلم الشيعة والكورد على وجه الخصوص، و"بعض" الُسنْة الى حد ما، وكان النظام الصدامي ماهرا وماكرا في آن واحد، حينما استطاع صناعة بيئة متكاملة، وظفها بخدمة أهدافه ببعديها المتوسط والبعيد.
أمضى النظام أكثر من ثلاثين عاما، في صناعة تلك البيئة، وقد أفلح في ذلك بشكل كبير، وما يجري في العراق اليوم من إنعزال طائفي، هو النتيجة المنطقية لكدح البعث طيلة تلك الأعوام.
معظم ساسة المكون السني الحاليين، هم نتاج تلك المرحلة، و توهموا لأنفسهم، أدوارا ليس أكبر من حجومهم فقط، لكنه أكبر من الدور ذاته؛ معظمم هؤلاء؛ من معتنقي فكر الأنعزال الطائفي، وجدوا أنهم إزاء فرصة نادرة؛ لإحتكار تمثيل المكون السني الكريم، الذي عششت في أوساطه، أفكار البعث الفاشي؛ بكل قيحه وآثامه، وأضاف لها بحملته الإيمانية الشهيرة؛ في عقد التسعينات من القرن الماضي، صدأ الوهابية التكفيرية، التي أختطفت كثير من مفاهيم هذا المكون، ووجهتها نحو وجهتها المتطرفة.
هؤلاء نُهاز فرص حاذقين، أستطاعوا بمعونة قوة الإحتلال الأمريكي، أن يسطوا على هذا المكون الأجتماعي، موهمين الوسط السُني أنهم وحدهم وليس غيرهم، ممثلا شرعيا عنه.
الحقيقة أن مسألة المكونات ذاتها؛ بحاجة الى تمحيص وتدقيق، فالحدود بين ما يطلق عليه مكونات باهتة جدا، ولا يمكن رسمها بقلم حبر دقيق الرأس، لسبب بسيط هو أننا شعب متداخل الى حد عجيب، وإلا لما كنا قد عشنا قرابة ثلثي التاريخ البشري..والأمثلة عن الأسر المتداخلة، تقودنا الى الشعب العراقي برمته!
معظم أسرنا شهدت على مر العصور، زيجات ولدت أجيالا مختلطي الأصول القومية والعرقية،وليس ثمة أسرة عراقية؛ تدعي صفاء الأصل ونقاوته على وجه القطع، فمن المستحيل نهائيا العثور على هكذا أسرة.
الأمر ذاته ينصرف الى الشأن المذهبي، الذي تناسل عنه التوجه الطائفي، فالحدود مائعة الى حد بعيد، وفي عاشوراء هذا العام كما في بقية الأعوام، كم من عين "سنية" ذرفت دمعا سخيا، فهل هذه العين "سنية"؛ على مقاسات من يريدون أن يعزلوا "السنة"، عن أهل البيت عليهم السلام، ويصادرون حقهم بالتمتع بالحب والمودة، الذي أوصى بها القرآن : قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة بالقربى.
أنها عين "سنية"؛ على مقاس الذي يعتقد أن حبهم؛ فرض في القرآن ربنا أنزله، كما قال الإمام الشافعي رضي الله عنه، في حسم نهائي لمن هو "سني".
الذين يريدون أن يعيدوا أنتاج جدرانا عازلة، بين مكونات شعبنا، بالنفخ مجددا بأبواق الطائفية واهمون جدا، وعاجلا وليس آجلا؛ سيجدون أنفسهم خارج الجدار العراقي الكبير، الذي يأوي أليه شعبنا، وأعني به جدار الوطنية الجامعة.
كلام قبل السلام: أذا كانوا قد وجدوا في المرة السابقة، بعض الذين يستمعون الى فحيحهم، فأنهم في هذه المرة، سيقفون عراة لا يرتدون شيئا يستر عورتهم، التي كشفتها أساليبهم التي كان عنوانها: الدم والدم ثم الدم....
سلام..
https://telegram.me/buratha