جاء يوم 16 أكتوبر عام 2002, وكان علينا أن نتوجه لمراكز الاقتراع, لانتخاب " الرفيق القائد ", فبعد التجربة الأولى عام 1995 تعلمنا للدرس, فسارعنا منذ الصباح الباكر, وأدلينا بصوتنا بكل ممنونية, وغاب عنا شيء مهم, وهو إن أحد إخوتي, كان هاربا من الخدمة العسكرية, ولكننا صمتنا ودعونا الله, أن يمر علينا هذا اليوم بسلام .
ولكن حزب البعث, الذي كان يمسك بالأوضاع بالحديد والنار, لم يغب عنه هذا الأمر, فأرسل جلاوزته من بعد الظهر, يقودهم أحد جيراننا, كونه مسؤول المنطقة الحزبي, وعند رؤية مفرزتهم عرفنا بالأمر, وأنه لامناص من الاختباء منهم, فتحتم على والدتي الخروج, لاستقبالهم والترحيب بهم .
ولكن هذا الجار, تصرف وكأنه لا يعرفنا, وصعدت عنده الحمية البعثية, وصار يهدد والدتي بالويل والثبور, إذا لم يسلم أخي نفسه, وأنه سوف يجر والدتي من ظفيرتها, ويأخذها محل أخي!, فما كان من الوالدة, إلا أن ترد عليه بطريقتها, وتبصق في وجهه, وتقول له: "ما عاش من يجر الحرة من ظفيرتها فولى وزمرته هاربين" .
لازال جاري الى اليوم, حين يلتقي بي يقبلني, على كلا خديً ويخبرني بمعزتي عنده, ومقدار حبه لي ولعائلتي, ويتصور إني نسيت فعله الشنيع, رغم إني عفوت عنه, ولم أُذكره به حتى, فيكفيني مقدار الذلة والمهانة التي يشعر بها, في كل مرة يراني فيها, رغم إنني لازالت أرى في وجهه, الحنين الى الماضي, وتمنيه أن تعود, "أيام النضال " .
بلاشك ولا ريب؛ تغير الحال اليوم, وصارت المرأة العراقية, بغير الوضع الذي كانت عليه, في زمن الطاغية, حين كانت لا تأمن على نفسها, من انتهاكات البعث وظلمه, فأصبحت اليوم تمارس دورها بكل حرية, بل وشُرعت القوانين, التي تحمي المرأة وتحافظ عليها, وتهيأت لها سبل الرعاية الاجتماعية .
فأصبحت المرأة اليوم, عضواً في البرلمان العراقي, ووزيرة وقيادية, في مفاصل الدولة والأحزاب السياسية, تمارس دورها التشريعي والرقابي, تنتخب بحرية دون ضغوط سياسية أو حزبية, وصوتها مؤثر في بناء الدولة العراقية .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha