المقالات

مذكرات ناخب ... الحلقة الأولى

1502 2017-01-26

ثامر الحجامي      لم تمر؛ على العراق فترة سوداء, كالتي حكم فيها حزب البعث, حيث أذاق شعبه, أساليب الذل والهوان والقمع والقتل, حتى صار الرجل يمسي عند أهله, وهو لا يعلم هل يصبح عندهم, أم تداهمه جلاوزة البعث وتعتقله, ولكن هذا النظام, كان حريصا على تلميع صورته, أمام الخارج بانتخابات صورية, أولها إستفتاء عام 1995.
 في الخامس عشر من أكتوبر, كنت قد تجاوزت العشرين عاما من عمري, لم أكمل دراستي الجامعية بعد, أعيش في كنف عائلة ريفية, وكان المفروض على هذه العائلة, ان تسارع في هذا اليوم, لأقرب مدرسة لها, لانتخاب (سيادة الرئيس الأوحد ), ولكن لبعد هذه المدرسة, ولكون هذه العائلة متهمة بالغوغائية, لم يأبه والدي لهذا الأمر, وكأن هذا اليوم, ليس يوما مقدسا.
عندما غابت الشمس, وجاء الجميع من عملهم في الزراعة, وفي رعي الأغنام, واجتمعت العائلة, لم نشعر إلا والإخوة ( الرفاق ), يطرقون بقوة باب بيتنا الخشبي, والصياح بأعلى الأصوات, فهرع الجميع ودب الذعر بين ساكني المنزل, فأسرعت الى الباب, وإذا بالرفاق يهددون ويتوعدون, بسبب عدم ذهابنا لانتخاب سيادة الرئيس, فوضعونا جميعا في سيارة الحمل "بيك اب", وذهبنا للمركز الانتخابي.
كان علي؛ أن أتكفل بحمل جدتي المقعدة, التي لا تستطيع الحركة, حيث لم يسمح لها الرفاق, بالبقاء في المنزل, فوضعتها مع فراشها في حوض سيارة الحمل, وحملتها على أكتافي, داخل المركز الانتخابي, لأضعها قرب صندوق الناخبين, ليأخذ الرفيق هويتها ويصوت محلها, ويضع ورقتها في الصندوق, دون أن تعلم عن الأمر شيئا, لماذا جيء بها, وما الذي يحصل هنا .
    وجاء الدور عليً, لأدلي بصوتي, وكل الذي فعلته هو إبراز هويتي, مع التوقيع أمام إسمي, وسط عبارات التجريح, بسبب عدم الحضور, فاستلمت ورقتي التي فيها كلمتين نعم و لا, فلم أجرؤ على وضع إشارة أمام أحداهما, خوفا من الوقوع في الخطأ, فسارعت لإعطائها للرفيق, الواقف على الصندوق, فأشرها ووضعها فيه, مع أمر بالمغادرة, التي صعبت علينا, بسبب رفض الرفاق, إرجاعنا الى الدار, إلا بعد وعد من والدي بمنحهم خروفا, بمناسبة فوز "الرئيس القائد" .
وفي اليوم التالي, أعلن رئيس مفوضية الانتخابات, الرفيق عزت الدوري, عن فوز كاسح للرئيس الأوحد, وبنسبة 99.96%, ولا ادري بالنسبة الباقية, أين مصيرهم الآن؟, فربما أصبحوا تحت التراب, أو لم يعثر على رفاتهم أحد الى يومنا هذا, إن كان تم تشخيصهم, فقد سمعت حكايات مؤلمة, عن أشخاص تم التعرف عليهم, كان 45 شخصا منهم, من محافظة بغداد صوتوا بلا .
   ومثل حكايتي حكايات كثيرة, لا يعرفها العديد من الجيل الحالي, الذي نشأ بعد عام 2003, وصار من حقه الانتخاب, في ظل نظام ديمقراطي, تهيأت فيه كافة السبل  للناخب, للإدلاء بصوته بحرية, يشعر من خلالها بتأثير صوته, وأن بإمكانه التغيير, وأنه صاحب القرار في اختيار من يمثله, بعيدا عن التهديد والخوف, واختيار الأصلح والأكفأ والأنزه,  صاحب مشروع بناء الوطن, وليس بناء حزب أو كتلة, الذي يسعى لرفاهية شعبه, وليس الحالم بعودة الدكتاتورية من جديد.
   علينا ان نتكاتف جميعا على بناء بلدنا, بعيدا عن أفكار البعث الهدامة, التي أورثتنا سنين القحط والجفاف, وحبستنا في سجن كبير إسمه العراق, كان الحاكم فيه هو السجان والجلاد, ونحن كنا الضحية, المُطالَبة بتمجيده ليل نهار, وإن طالبنا بكسرة خبز, تسد رمق أطفالنا, ندفن ونحن أحياء .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك