قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
تحاورت قبل أيام مع زميل لي؛ عن مغزى ومسببات عمليات الإستجواب والإستدعاء، التي يمارسها أعضاء في مجلس النواب بحق مسؤولين حكوميين كبار، والتي كان من مؤداها أن أطيح بوزيرين، وأجبرت آخرَين على الإستقالة، فيما تعجل رئيس الوزراء بإقالة مثلهم غيرهم..
قلت له: إنها الإصلاحات يا سيدي، فرد عليَّ السائل متعجلا؛ وكأن الجواب كان رابض في مقدمة حلقه: ولكن الإصلاحات؛ حيث رست على خمس وزارات بلا وزراء، وعلى عودة نواب رئيس الجمهورية الى مناصبهم المفخمة، مع ميزانية عاجلة بثلاثة مليارات ونصف المليار دينار، لسد رواتبهم للفترة القادمة، ومثلها ما يدينون به الخزينة المركزية، عن رواتب فترة إقالتهم التي تبين أنها ليست دستورية..
قلت له: لو كانت لدينا عدالة؛ لأجبر القضاء السيد العبادي، على دفع تلك الإستحقاقات من ماله الخاص، بادرني زميلي قائلا: وهل ثمة فرق بين مال السيد العبادي الخاص وأموال الحكومة؟ ألا تتذكر المثل العراقي الذي يقول( الجيب واحد)..!
قلت له :أن الذي حصل فوضى وتصفية حسابات، وأن ما يقوم به النواب من إستجوابات، يمكن عده من أوجه أخرى، بأنه حراك دنيء إستعدادا للإنتخابات!
قال لي: أن كرة من اللهب وليست من الثلج، تتدحرج هنا على أرض العراق.. وأن تدحرج هذه الكرة يخلف وراءه مسارات، تحفر عميقا في الأرض المحروقة، التي تسببها الإختلالات المتفاقمة بين القوى السياسية العراقية، وكلما حانت مواعيد إستحقاقات مهمة، كالانتخابات النيابية القادمة، تنشطر كرة اللهب الى كرات متعددة تتدحرج بأتجاهات ومسارات مختلفة.
قلت له:كان يفترض أن توضح النزاعات السائدة، مسارات الصراعات القادمة، وأن تدور حول عنوان عريض مفاده الصراع على مستقبل الدولة.
قال لي: إن أسلحة الملفات القضائية والإستدعاءات، والملفات التسقيطية المتبادلة المضادة، التي بدأت الحكومة والقوى السياسية إشهارها بعضها بوجه بعض، إلا كرات من النوع الذي تحدثنا عنه، إذ بغض النظر عن مصداقية الملفات من عدمها، لكن تحويل الطابع القضائي الى أداة سياسية، تخدم هدف إسقاط الخصوم قبيل ألانتخابات، ومن أي طرف كان، والاحتفاظ بالملفات، وعدم إشهارها إلا بتوقيت يخدم من يشهرها، يخدم أغراضا سياسية دنيئة في أغلب الأحيان.
إستخدمنا سوية أنا وزميلي، هنا تعبير "الإشهار" وليس "الإعلان"، لأن "الإشهار" يوصلنا الى عملية"التشهير" بالخصوم، وهو مسلك لا نجده إلا مسلكا دنيئا ولا أخلاقيا في أقل وصف مستحق..
كلام قبل السلام: الذين يخوضون في مستنقعات التشهير السياسي، يعلمون أنه وفي معظم الأحوال، ثمة شيء يموت ولا شيء يولد في المقابل. فما يحدث اليوم، وما هو منتظر، اكبر من نزاعات سياسية عابرة، وأكثر من حراك محلي، تترك خلفها حرائق سياسية، واقتصادية واجتماعية، لا تكاد تخمد في مكان، حتى تشتعل في مكان آخر.
سلام..
https://telegram.me/buratha