قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
من المؤكد ان عددا كبيرا من القراء، يشعرون بخيبة امل كبيرة من وضع الدولة القائم، فقد تحطمت آمالهم على صخور الفساد، وتلاشت تطلعاتهم عند بوابات المحاصصة المنيعة، وتعمقت مشكلاتهم بمعاول الطائفية الحادة؛ وهي آفات كبرى؛ طبعت مسار دولتنا منذ أربعة عشر عاما، وربما ستبقى مهيمنة على مشهدنا القالئم، الى أمد منظور ليس بالقصير.
لكن ومع كل هذا الكم الهائل من الخيبات؛ دعونا نسترجع بعض مفردات ما حصل عندنا، وفي محيطنا الجغرافي، كي نتبين مواطيء أقدامنا أولا، ولماذا حصل الذي حصل ثانيا، ولنستشرف ما سيحصل كمحصلة، ومثلما ترون فإن ذلك مهمة كبرى، لا تكفيها مساحة عمود متواضع، في جريدة تحاربها شياطين الأنس والجان!
بتركيز عال كي لا تضيع الفكرة؛ لابد لي من القول، بان الانهيارات الكبرى لأنظمة شمولية، كالذي حصل في بلادناـ إنما حصل بأدوات خارجية، أنضجتها ظروف داخلية؛ في مقدمتها انتهاء (صلاحية) النظام الشمولي السابق، لكونه أصبح نشازا، وخارج سياق التطور الإنساني، ولا يتسق مع حركة التاريخ، كما أنه بات لا يخدم مصالح الذين صنعوه، والمفارقة الغريبة؛ هي أن من صنعوه هم الذين أزاحوه!
مثل هذه الأنهيارات تمثل فوران تنور؛ ولا بد ان تتبعها هزات اجتماعية وسياسية كبرى، بحجم ما حصل، ولا بد أيضا من التسليم؛ بأن الذي يجري في العراق الآن شيء طبيعي، من المتوقع حدوثه، نظرا للمستوى المفجع، من التنافر الاجتماعي والمكوناتي، الذي نتج عن سيادة نظام شمولي أرعب حتى نفسه.
إنها بالحقيقة هزات، كان ينبغي ان تتحرك؛ وفقا لمنطق السياسة بثلاث محطات، المحطة الأولى هي تأسيس( سلطة)، تدير المجتمع وشؤونه انتقاليا، ولكن بحد مقبول من التداخلات، التي من بينها استعمال القوة، بمستوى أكثر من حده الطبيعي بالمجتمعات المستقرة.
ثاني المحطات؛ الانتقال بالبلاد الى دولة المؤسسات، التي تشيع في بدايتها؛ حدا أدنى من قيم مقبولة، ثم يتم في مراحل لاحقة الانتقال الى دولة الهدف.
السؤال الكبير هنا؛ هواين وصلنا بعد قرابة أربعة عشر عاما، منذ أن أجريت لنا عملية إستئصال دولة الرعب!؟
الإجابة سهلة، وهي أننا لم نصل، لكن المؤكد أننا نمشي حثيثا، نحو بناء دولة وفقا لقياساتنا، وهذا بالضبط؛ هو الذي يجعل الآخرين يقفون بالضد العلني، من عملية بناء دولة على مقاسنا، لأنهم يعرفون أننا سنبني "دولة" وليس "نظام" حكم، مثلما يملكونه أو مثلما بنوا.
إننا بالحقيقة؛ نبني ولأول مرة منذ أربعة عشر قرنا"الدولة" العراقية، وستكون هذه الدولة مقدمة لدولة العدل الإلهي، لكن" العربان" بنوا "أنظمة"، مثل"النظام" السعودي والأردني والبحريني واليمني...الخ، الفرق التنافري بيننا وبين محيطنا الجغرافي، هو أننا وبرغم كل مساويء الأربعة عشر عاما الفائتة، نبني "دولة" وهم يبنون "نظاما"..!
الأنظمة يمكن أن تنهار بصيحة واحدة، تنادي "الشعب يريد أسقاط النظام"!
كلام قبل السلام: ليس من المتوقع أن يصيح أحدأ "الشعب يريد زوال الدولة"، والفرق كما ترون كبير بين الدولة والنظام، الدول تبقى والأنظمة تزول؛ وسترون!
سلام...
https://telegram.me/buratha