قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
دعونا نسلم؛ أننا شعب مكون من أفراد وجماعات، مختلفة الألوان أثنيا ودينيا ومذهبيا ، بل وعقائدية أيضا، وأن إختلاف الألوان صيرنا شعبا معبأ بالإختلاف.
لكن هذا الإختلاف؛ لم يكن يوما سببا لتمزقنا، كما يريد من يريد أن يوصلنا اليه الآن من يريد، وكي نعبر أزمتنا الراهنة، فإن علينا أن نبحث في الأسباب، التي أبقتنا طيلة قرابة إربعة عشر قرنا صامدين كشعب.
صحيح أن أحداثا جساما مرت علينا، وأن المصائب كان تجري دوما علينا، مثلما يجري دجلة والفرات، من الشمال نحو الجنوب، وهو أمر له دلالته، لكننا لم نستسلم يوما، ولم نرفع الرايات البيض، لتحل محلها رايات سود.
خلال هذا الزمن الطويل؛ عشنا ويلات لو مرت على غيرنا من الشعوب والأمم، لكانت طيا منسيا، ولم يعد لها ذكر في خارطة الوجود، فما هو سر بقائنا؟!
بعض تلك الويلات؛ ما يزال علقمها مرا في حلوقنا لغاية الساعة، ولا نظن أن يوما قريبا سيمحو تلك المرارة..في سنة 61 للهجرة، قتل هنا على أرضنا، إبن بنت نبينا صلواته تعالى وسلامه عليهما،ي ومها قتله آتون من الشمال الى الجنوب، كما هي مصادر مشكلاتنا دوما!
قبلها بحوالي عشرين سنة، قتل أيضا على هذه الأرض أبوه، الذي قال عنه رسولنا الأكرم " علي مع الحق والحق مع علي، أينما دار يدور".
بعدها جرى ما جرى من صعاب، حيث مررنا بفترات من المد والجزر، كنا رؤوسا يانعة يحين قطافها كلما رغب الطغاة، ولكننا بقينا شعبا موحدا، اسمه شعب بلاد مابين الرافدين أو أهل السواد، أهل هذا النخل السامق علوا، حيث تفيئنا بأفياءه الوارفة، لغاية بداية القرن العشرين، حينما وطأ أرضنا الأنكليز، بعدها بدأت أضخم مشكلاتنا، منذ نزل آدم على هذه الأرض ...
كانت البداية؛ بأن إنتعش الآختلاف مجددا، ولكن بأدوات جديدة؛ وبدفع وحطب أنكليزي، ومالبث هذا الخلاف أن أتسع، ليتحول الى أختلاف؛ وتحولنا الى شعب من الخصوم!
سني ضد شيعي، لأن الشيعي رافضي ملعون، وعميل لإيران الصفوية، حتى بعد أن تأيد تأريخيا أن الصفويين عرب!.. حضري ضد عشائري، لأن العشائري همجي غير مثقف لا يأكل الصمون، عربي ضد كردي، لأن الكردي يلبس شروالا، ولا يضع على رأسه عقال العروبة العظيم، المسيحي صليبي نصراني، يتعين إجتثاثه من هذه الأرض، حسبما أورثنا القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي، والأيزيدي كافر ملعون، حتى لو حلف بالقرآن الكريم أنه موحد مثلنا، التركماني غريب عن هذه الأرض، ويجب أن نرحله الى تركمنستان، مع أنه هنا قبل الذين يطالبون برحيله!
كلام قبل السلام: بعد أن نزيل غشاوة الخلافات السياسية عن عيوننا، سنرى أنفسنا في صورتنا الحقيقية، وليست تلك الصورة الزائفة، التي يحاول رسمها لنا صناع الإختلاف..يتعين أن نشخص الخصومة وأسباب إيقاد النار تحتها..أذا توصلنا الى أزالة الغشاوة، سنرجع الى زمن الأختلاف وليس الخلاف، إذا أقدمنا على هذه الخطوة؛ سنكون قد قطعنا نصف الطريق الى تعايش بناء...
سلام...
https://telegram.me/buratha