عباس الكتبي
تصدت المرجعية الدينية خلال تاريخها الطويل،للغزو الأجنبي الكافر،وللحاكم الجائر،تارة بالسيف،وتارة بالفكر، وتارة أخرى بالفتاوى الشرعية.
من أمثلة المواجهة الفكرية،عندما دفعت المرجعية بعناصرها الحوزوية، لإيضاح الحقائق الدينية،ورد الشهبات، والتصدي للحملة التبشيرية المسيحية، التي عمت البلاد الإسلامية في مطلع القرن الماضي،المصاحبة مع الاحتلال بلدان المسلمين،وكان من أبرز المتصدين لهذه الحملة،العالم المجاهد آية الله الشيخ محمد جواد البلاغي"قده"،كما تصدى المرجع الديني الأعلى السيد محسن الحكيم"قده"للمد الشيوعي الإلحادي، في آواخر القرن الماضي.
المرجعية الدينية؛أيضاً قامت بالمواجهة العسكرية،للغزو الأجنبي، تصدى علماء إيران لمواجهة غزو الروس في أواسط القرن الثالث الهجري،وكان من أبرزهم آنذاك الشيخ احمد النراقي"قده"مع المجاهدين لصدهم،وحينما غزت الجيوش البريطانية العراق،وقف علماءنا مع العثمانين،الذين لاقوا منهم ظلماً وجوراً،ولكن دفاعاً عن بيضة الإسلام قاموا بواجبهم وتناسوا ذلك كله، ومن أبرزهم المرجع الاعلى آنذاك السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي"قده"، والمرجع الديني الكبير الشيخ محمد تقي الشيرازي"قده"،واليوم تصدت المرجعية بإمامة السيد السيستاني، للمجاميع الارهابية والتكفيرية.
من المميزات التي تميزت به المرجعية الدينية عن بقية طوائف المسلمين الأخرى، المواجهة السلبية،وتمسكها بالنهي عن الركون الى الظالمين،تبعاً للقرآن وتعاليم الأئمة عليهم السلام،فقد حرمت إعانة الظالمين والركون إليهم،ومن أمثلة ذلك: الفتوى الشهيرة بحرمة التنباك، للسيد الشيرازي الكبير"قده"في ايران، وفي العراق صراع السيد محسن الحكيم"قده"مع النظام الملكي، والقاسمي،والعارفي،من اجل القوانين المخالفة للإسلام،وفي وقتنا الراهن طالبت مرجعية الامام السيستاني، بتغيير الوجوه الفاسدة،كما افتى المرجع الديني النجفي بحرمة انتخاب رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
قال المستشرق إدوارد بروان الذي كتب عن إيران:(إن المجتهدين والملائية يمثلون قوة عظيمة في إيران،وهم يهتمون في كل ناحية من نواحي الحياة البشرية،من أدق التفاصيل في الطهارة الى اعظم القضايا السياسية،فالمسلم الشيعي حين تقع له مشكلة،لها مساس مباشر بالأحكام الشرعية،فإنه يتقدم بها الى أحد المجتهدين يستفتيه في حلها، والفتوى التي يصدرها المجتهد قد تشمل تكفير ملك أو وزير…
والواقع ان وجود المجتهدين، الكبار في النجف وكربلاء،أي خارج الحدود الإيرانية،دعم مركزهم وجعل لهم حصانة،وقد حاول الكثيرون من حكام إيران تقليص نفوذ هؤلاء المجتهدين قبل العهد الصفوي وبعده،فلم يوفقوا في محاولاتهم إلا قليلا،لان الملائية يؤلفون طبقة وطنية حقيقية، ويمثلون في كثير من الأحيان مطامح الشعب ووجهة نظره،واستطاعوا غيرة مرة أن يدرأوا عن الشعب جور الحكام).
https://telegram.me/buratha