شهاب آل جنيح
الجيش العراقي كان ومازال، ضحيةً لكل المؤامرات التي تحاك ضد العراق، وأيضا ضحية لكل مهاترات قادة العراق الفاشلين والمستبدين، الذين أدخلوه بحروب عبثية، وشوهوا صورته وقوته القتالية.
ذلك الجيش الذي أُسس في العام 1921م، كانت أولى وحداته هو فوج الإمام الكاظم(عليه السلام)، وهذا الفوج كان نواة الجيش، التي بني عليها وطُور، حتى صار تعداده يفوق المليون فرداً.
للجيش العراقي تأريخ طويل، فهو دخل حروب متعددة في العراق و خارجه، فقد شارك في الحرب ضد الكيان الصهيوني في العام 1948م والعام 1973م، هنا كان الجيش مدافعاً عن فلسطين وأرضها، وأعطى من الشهداء الكثير، وخاض معارك مشرفة فيها كمعركة جنين.
لكن العبث ونزوات الطواغيت، آلمت الجيش العراقي وشوهت سمعته وتأريخه، عندما أدخلته بحروب خاسرة وغير منطقية، منها الحرب ضد إيران ولثمان سنوات، أنهكت قوى الجيش، وأخذت من شباب البلدين الآلاف، وحمّلت العراق ديون بالمليارات، ولم تكن تلك الحرب حرب العراق، بل كانت حرب بالنيابة عن أمريكا ودول الخليج، التي مولت النظام العراقي بالمال لشراء السلاح، وهدفهم في ذلك إفشال الثورة في إيران، فمالنا ومال لإيران؛ لنتحارب ثمان سنين سوية؟!
بعدها تأتي النكبة التي غيرت العراق ككل، وليس الجيش فقط، والتي جرت الويلات للبلاد من بعدها والحصار والجوع والدمار، وهي احتلال الكويت ورفض الخروج منها، فلم يهتم صدام لا للجنود ولا لأهلهم، حتى راحوا ضحية للصواريخ الأمريكية والغربية، ومن يومها انتهى الجيش وفقد ثقته بنفسه، وهذا ما أثبتته الحرب الأخيرة في العام 2003م.
بعد الاحتلال الأمريكي وسقوط صدام، تم حل الجيش العراقي، بأمر من الحاكم المدني للعراق حينها بول بريمر، وتعد هذه الخطوة من أهم القرارات، التي أثرت على العراق مستقبلاً، لأنها أنهت كل شيء من ذلك الجيش المليوني، بقرار قد يكون مرتجل، ولم ينظر لتأثيراته المستقبلية.
بعد قرار بريمر، عملت الحكومات العراقية المتلاحقة، على تشكيل جيش جديد، واستمر الحال حتى صار تعداد الجيش يقارب المليون مرة أخرى، وبميزانيات ضخمة لم تكن متوفرة له من قبل، لكن جاءتنا النكبة الكبرى في العاشر من حزيران من العام 2014م، عندما تمكنت داعش، من احتلال ثلث مساحة العراق خلال ساعات!
لا أحد يتصور كيفية سقوط مدينة الموصل وما تبعها، فقد ترك الجيش تلك المدن وبدون قتال! وظلت معداته وآلياته وأسلحته، التي كلفت الدولة مليارات الدولارات بيد عصابات همجية، وأما قادته فقد هربوا، وتركوا رتبهم على الأرض تدوسها الأقدام، وتعد هذه الحادثة خيانة كبيرة، قام بها قادة الجيش بحق العراق وجيشه، ولن ينساها التأريخ.
هذا الجيش الذي ظلمه قادته وخانوه، بمجرد صدور فتوى الجهاد من مرجعية النجف، وتشكيل قوات الحشد الشعبي، ظهرت صورته الحقيقية، ومُحّت تلك الصورة المزيفة، التي رسمها الظلمة والفاشلون له، بأنه غير مستعد للقتال أو غير ذلك، بل أثبت قدرته على القتال والنصر، وحرر مدنٌ كاملة كالأنبار وصلاح الدين وديالى، واليوم في الموصل التي بتحريرها يعود الجيش العراقي، ليكون قوة عسكرية إقليمية كبيرة، قادرة على حماية العراق والدفاع عنه، والوقوف بوجه كل خطر يداهم البلاد.
https://telegram.me/buratha