المقالات

هل ستلتحق التسوية بمقبرة الندم؟!‏

2283 2017-01-06

محمد الحسن

‏       الإعلام زاحم ثالوث السلطات, وصار سلطة رابعة, متنازلاً عن مهمته الكبرى: التوعية وصولاً ‏لمجتمع متصالح مع ذاته ومع الحياة. لا نعني بالإعلام كمهنة وعلم؛ إنما إستخدمت سلطته من قبل ‏العصابات المهذّبة فحوّلته إلى سلطة متمرّسة في الإبتزاز وصناعة رأي عام يتقاطع مع الصالح العام. ‏

أطوار بناء المجتمع السليم الملتئم في كيان -دولة- تتعرّض للجمود في ظل تخلّف العقل الجمعي الذي ‏تستثيره الخرافة والغيب, فيسلّم بالمأساة على أنها قدر حتمي الوقوع لابدّ من المكوث به دون عمل.. وليس ‏هناك أفضل من هذه البيئة لتمرير مشاريع العصابات المهذّبة. تبدو تلك العصابات ممثّلة لرغبات الناس ‏ومصالحها, وما تلك الرغبات سوى أوهام بُنيت في رأس المجتمع, فيستقتل في الدفاع عنها. ‏

في ذلك الطور البدائي المرتكز على الهوى الممزوج بالسذاجة؛ يتكلّف أغلب الرجال في إظهار البراءة من ‏أي شيء غريب, وقلة تظهر فيها ملكة الشجاعة جلية عندما تعمل بوحي من الصالح العام, وغريب أنّ ‏المجافين للحق العقلي والمنطق المصلحي الإنساني, رغم إدراكهم لإوهام العقل الجمعي, يتنطّعون في إظهار ‏موالاتهم للرأي العام المبني على الوهم, مهما كان منافياً للصالح العام! لا شكّ في وجود التنافس والحقد في ‏الأوساط الدينية والسياسية والإجتماعية, بيد أنّ المصلحة الإنسانية تدفع ببعض العقول إلى إبتكار الحلول ‏المكرّسة لخدمة تلك القضية.. وربما الرحلة الأوربية المثيرة تصلح للمقارنة, عندما تخلّصت من المبالغة في ‏المقولات الفلسفية المفسّرة للكون والوجود, وركّزت على الإنسان كموجود ومصلحته بإعتباره قيمة عليا ‏تمثّل مركز الوجود؛ فظهرت المذاهب الحديثة والمعاصر: ماركسية, وجودية, براغماتيمة..إلخ. ‏

يذكر جواهر لال نهرو في كتابه "لمحات من تاريخ العالم" قصة خروج موسكو الشيوعية من الحرب ‏العالمية الأولى التي ورثتها من بطرسبرغ عاصمة الإمبراطورية الروسية, حيث شرط الألمان على ليون ‏تروتسكي -خطيب الثورة المفوّه- دخول قاعة المفاوضات بالبدلة الرسمية عوضاً عن العمالية التي ترمز ‏لأهم مبادئ الشيوعية, فأتصل تروتسكي بزعيم السوفيت فلاديمر لينين يستأذنه العودة, فأجابه الأخير:"لو ‏طلب منك الألمان الدخول بالشلحة النسائية فلا تتردد, مستقبل روسيا بين يديك".. خرج الروس من الحرب ‏بتأجيل أحد مبادئهم, إلا أنهم رفعوا الراية الحمراء فوق الرايخ بعد عقدين ونصف من الزمن, وبقيت حتى ‏سقوط جدار برلين بعد خمسة عقود.. هل أمتاز غيرنا بالعقليات الفذّة بينما عجزت أرضنا عن إنجابها؟!‏

لنتذكّر: اللجان الشعبية, الفيدرالية, أنبارنا الصامدة.. كلها حلول غريبة رفضت على أنّها مشاريع عمالة, ثم ‏صارت مطالب شعبية دون ندم على الرفض الأول. تلك بعض تجاربنا المؤلمة, واليوم هناك أمل بعبور هذا ‏الطور المزعج؛ فهل سيوضع ملف التسوية على ذات الأدراج المترّبة؟.. لن يكون الغبار عادياً هذه المرة؛ ‏إنما هو غبار تحمله السماء من تطاير بقايا تراب الوطن الذكرى!..‏

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك