المقالات

الهجوم على ملهى "رينا"، عقوبة لتوجهات تركيا الاخيرة


 

نظم حزب "العدالة" سياسة تركيا على اساس "العثمانية الجديدة"، كما اوضحها مهندسها السيد اوغلو في كتابه "العمق الاستراتيجي".. فاعلن وقتها، رفض تركيا ان تكون المركبة الاخيرة في القطار الاوربي، بكل ممانعات واشتراطات "الاتحاد".. بل تسعى لاستعادة دورها الريادي المشرقي. فتصدرت المشهد في المواقف الاقليمية.. ونشطت الجماعات الارهابية في تركيا واستغلت مواقفها السياسية وباتت ممراً لها نحو العراق وسوريا. وان المتضادات التي سعت تركيا لجمعها وتصفير المشاكل، تتفجر اليوم بوجهها.

1- العملية على ملهى "رينا"، الراقي والمطل على البوسفور، عقوبة لتركيا على مواقفها الاخيرة ازاء القضية السورية، خصوصاً بعد سلسلة من التداعيات، قادت لتراجع اقتصادي، واضطرابات سياسية وامنية مهمة. وهي ايضاً رسائل للدول الاقليمية، لمعرفة الارهابيين المسبقة بكثرة الزبائن العرب المترفين الذين يرتادون هذا الملهى بالذات. فمن مجموع الضحايا الـ٣٩ يشكل العرب ١٥ ضحية، منهم ٧ سعوديين. فالرسالة تقول ان امن هذه الدول، واقتصادياتها مهددة، كما يتهدد الامن والاقتصاد التركي، ان هي غيرت توجهاتها، كتركيا اليوم.

2- طمحت تركيا بكفاءة الانتقال اقتصادياً من الدولة الـ١٦ للدولة الـ٩ عالمياً. معتمدة على امنها الداخلي وعلاقاتها الواسعة والاسواق العالمية، بما في ذلك السياحة. وان اي ارتباك امني سيقود لتراجع الارقام لا لتقدمها. الامر نفسه في موضوع الطاقة ولكن مع شركاء مختلفين تماماً.. فهي تعتمد على الغاز الايراني والروسي، وان الخلافات معهما، خصوصاً بعد اسقاط الطائرة الروسية، قاد لتهديد جدي، قد يصعب معالجته دون الغاز القطري. وهذا وان توافق مع  المحور الاقليمي التركي/السعودي/القطري انذاك.. لكنه يتعارض مع الكلف الاقتصادية والحقائق اللوجستيكية للغاز الايراني والروسي. فكان لابد من معاقبتها، عندما طبعّت علاقاتها مع روسيا.

3- قاد الانقلاب الفاشل الاخير الى حملات تطهير واسعة للعناصر والمؤسسات المتهمة بالارتباط "بفتح الله غولين"، بما في ذلك القريبة من الرئيس اوردغان. وان احدى السيناريوهات الرسمية حول اغتيال السفير الروسي في تركيا قبل ايام، هي اتهام "غولين" بالعملية لارباك الاوضاع في تركيا، باعتبار ان الفاعل رجل امن ينتمي لتشكيلات مرتبطة بـه. فالعملية ستعمق الخلافات وسيتهم "الرئيس اوردغان" انه جلب كل هذه المشاكل لتركيا.

4- اعلنت تركيا مراراً ان سياستها في سوريا تستهدف اسقاط الرئيس الاسد، ومحاربة "وحدات الحماية الكردية YPG" التي تتهمها تركيا بارتباطها بحزب العمال. ولاشك ان هذا يسبب ارتباكاً في السياسة التركية، داخل تركيا وفي سوريا والعراق. فوحدات "الحماية" هي من القوى المتصدية لـ"داعش"، وتركيا باتت اليوم على اشتباك مع "داعش" و"جبهة النصرة" في مناطق عديدة، واخرها منطقة "الباب" شمال حلب. مما وضع تركيا امام خيارات متضادة. خصوصاً بعد حملة الاعتقالات لعدد من قادة حزب "الشعوب الديمقراطي" الموالي للقضية الكردية. وهنا ايضاً ستتصادم الخيارات.. ففي الوقت التي تسعى انقرة لادامة علاقات جيدة مع اربيل، فانها تخوض مواجهات مع قوى كردية كبيرة في تركيا وسوريا والعراق، مما يعقد الخيارات، ويجعلها صعبة للغاية في ظل استمرار التضادات.

5- ان "داعش" وقوى الارهاب تدرك هذه التضادات، وتسعى باعمالها الارهابية داخل تركيا لتعميقها وارباك الاوضاع الاقتصادية والسياسية والامنية، ومعاقبة تركيا على خياراتها الاستراتيجية الجديدة، باغلاق الحدود بوجه الارهاب وعناصره، ورعايتها وقفاً لاطلاق النار بين المعارضة السورية والحكومة، كخطوة نحو حوار شامل يستثني "داعش" و"النصرة".

6- ان اية سياسة تسعى للاستفادة من التداعيات التي يُحدثها الارهاب لهذا البلد او ذاك، واية خيارات متضادة هي سياسات سترتد على البلد نفسه، والافضل تصحيحها عاجلاً، لان الكلف مع استمرارها ستكون اعلى واخطر.. هذا ما حصل لدينا ويحصل لتركيا اليوم وسيحصل في اي بلد اخر، وعلينا ان لا نكون بعيدين عن المشهد، بل ان نشجع التوجهات الصحيحة، ونتضامن مع اي بلد يتعرض للارهاب ويقف بوجهه. فالاوضاع الامنية والاقتصادية والسياسية في تركيا لها علاقة مباشرة باوضاعنا.. وانخراطها بحماس في الحرب ضد الارهاب، واستثمار قوتها وعلاقاتها، هو عنصر اساس للانتصار على الارهاب، لدينا وفي المنطقة.

عادل عبد المهدي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك