واثق الجابري
ما إنفكت أحداث الشرق الأوسط؛ إلاّ بمجموعة من الضياعات بمد وجزر وجِزارة، وكفتي ميزان متأرجحتين؛ ثقليها يرفع خفيفها الى مهب الريح الغريبة، ومن يوم داعش ودولتها المزعومة، وسوريا والعراق مركز خرافتها، ويُخطيْ من يقول أن الملفين يسيران بوتيرة مختلفة أو منفصلة.
سوريا بعد حلب تختلف عن ما بعدها، والعراق بعد الموصل، سيطابق ما آلت له الوقائع، وداعش الرقة يوازي الخلايا النائمة في العراق.
معركة حلب والموصل وما يحدث في المنطقة؛ مقدمات لحلول كبرى؛ توصلت لها القناعات العالمية والأقليمية والمحلية، وتصاعد ذروتها؛ لفض تشابك الملفات والتدخلات الدولية، وإعداد لحجز مقاعد أكثر في طاولات التفاوض، وبعد مراهنة حلب؛ خسرت أطراف مساندة التطرف بمسمى "المعارضة"، وكشفت على إنها تدعم مجاميع تتصارع وتتفق على أيدلوجية القتل، ودليلنا تحالف مع جبهة النصرة الإرهابية، وبعد هزيمة الإرهاب تتجه سوريا الى تسوية تاريخية برعاية تركية روسية؛ تشترك فيها الحكومة وكل أطراف المعارضة؛ بإستثناء داعش وجبهة النصرة، وينص على وقت أطلاق النار وبدأ المفاوضات.
إتفاق وقف أطلاق النار سيفرح السوريين والراغبيين بالسلام وحماية الإنسانية، وسيحقن دماء بريئة ويحفظ على ما تبقى من ممتلكات المواطنيين والبنى التحتية، وفي سوريا لاعبين من دول متعددة جائت الحلول من أطراف خارجية تؤثر على طرفي النزاع، وأتفقت روسيا وتركيا ورحبت أيران، وسكت الأطراف المتقاتلة وكأنها أدوات تتحرك بفعل خارجي، وإذا كانت روسيا وأيران مع الحكومة، وتركيا مع بعض الأطراف، ولكن الغرابة غياب دور الخليج الذي انفق المليارات من للسلاح والفكر والإعلام؛ لدعمهم الأطراف المتطرفة الطائفية، والثانية؛ دفنوا رؤوسهم وعورتهم يراها القاصي والداني.
إن ما بعد الموصل؛ يشابهة ما في سوريا بعد حلب، وتحرير الأرض لوحده؛ لا يقضي على الخلايا النائمة والمراهنات بأدوات أقليمية طائفية، وبما أن طرفي النزاع العراق؛ الجيش والشرطة والحشد الشعبي والعشائري والبيشمركة؛ وخلفهم معظم العراقيين؛ مقابل ثلة قليلة من القتلة والطائفيين والمنتفعين من الفوضى، وخلفهم دواعش الفكر والسياسة وعبيد الدولار، فالحلول العراقية ستحسق كل المراهنات الدولية، وتقطع دابر الإرهاب بهروب الأطراف الداعمة له فكرياً وإعلاميا وسياسيا.
في سوريا ظهرت الأطراف التي انفقت المليارات وهدرت الدماء؛ بلا وزن في الساحة الأقليمية والعالمية، وفي العراق هؤولاء غبار على بسطال عراقي.
إذا كان الإعتقاد أن معركة الموصل محسومة قريباً بالنصر، ففي سوريا كانت تسويات تنظر النتائج، ووقف إطلاق النار سيفرح كل من فكر بإنسانية، ووجد السلام وإسكات صوت الرصاص أفضل مكسب؛ لا غالب ولا مغلوب؛ إلا فوز الأبرياء بتسوية تاريخية تحافظ على ما تبقى ويوقّف ألسنة النار وشرار الفكر والمال المتطرف، وفي العراق إجماع عراقي على مُحاربة داعش، مع رفض أي حوار من ثلة قليلة تراهن على بقاء الإرهاب والفوضى، ولن تؤثر كونها ستدفن رؤوسها بوحل عارها، وقد قالت البنادق كلمتها، وتبقى الخلايا النائمة تحركها الفوضى السياسية، وما حاجة التسوية؛ إلاّ لقطع الطريق على المتربصين، وعندما نقبل ونفرح بتسوية في سوريا؛ علينا قبولها في العراق، وننفض المتطرفين والإرهابيين ومسببي الأزمات؛ كما ينفض الغبار من بسطال مقاتل عراقي.
https://telegram.me/buratha