واثق الجابري
ترك حيدر أرمتله وولدين وبنتاً؛ أكبرهما كرار 13سنة، وأول جواب لأبنه؛ عند السؤال عن مستقبله وأمنياته، فكان الجواب ليته يُكمل طريق والده وينال ما حصل عليه من شهادة؛ ليكون مفخرة لذويه ووطنه.
هكذا يتحدثون في مجلس عزاء؛ كأنها أفراح وأعراس، ومفاخرة للأبناء والآباء، ورفاقه يتصدرون الروايات عن بطولات الشهيد ومواقفه الإنسانية.
تحدث والد حيدر متفاخراً بشجاعة أبنه وإصراره على المقاتلة حتى النصر، وكيف أصيب ثلاث مرات بجروح بليغة؛ لم تثنه عن مواصلة المشاركة في معظم المعارك؛ الى حين دخوله مع رفاقه من جهاز مكافحة الإرهاب؛ لتفتيش أحد المنازل في الساحل الأيسر من الموصل، والنتيجة إنفجار المنزل، وإلتحاقه مع ثلاثة من أصحابة بقوافل الشهداء.
والده كان جندياً؛ شارك في حروب سابقة، وفقد أثنين من أخوته وثالث أعدمه النظام الدكتاتوري؛ بعد المشاركة بإالانتفاضة الشعبانية عام 1991م، ومدينته الديوانية كبقية محافظات الجنوب؛ لها دور كبير بثورة العشرين ضد الإحتلال البريطاني، ومنها تراكم التاريخ ليُعد أجيال طموحها العسكرية في حال أستدعت ضرورة الوطن، وشارك بمعارك بيجي وهيت والفلوجة، وكلما يلتحق الى وحدته يتمنى أن يعود شهيداً.
يروي شقيقه عن جانب آخر من حياته مع المعارك، وعن معظم أوقاته التي يقضيها في ساحات القتال، ويقطع إجازته عند تعرض رفاقه لهجوم، أما أصحابه فيصفون عزيمته وشجاعته وإرتفاع معنوياته، وكان يتقدمهم ويُعطيهم الإلهام ويعلمهم الصبر، وكل لحظة يتوقعون إستشهاده بقناص او مفخخة او عبوة، وينصحوه بالحذر ولكنه لا يتردد عندما يشتد الرصاص.
الشهيد حيدر قدم نفسه فداء لوطنه، ومثل رغبة العراق بالبقاء موحداً، والقضاء على الإنقسامات والطائفية، وتخليص بلده من العصابات الإجرامية، ولم يك شجاعاً بالسلاح فحسب؛ بل كرمه يدفعه للمجازفه لتخليص الأطفال والنساء الهاربين من بطش داعش، ويحمل على أكتافه السلاح على جانب والغذاء والماء على الآخر من طعامه الخاص، ورفاقه من كل الطوائف لا يسألون العُزل عن إنتماءاتهم الطائفية، وعكس صورة لما كانت تدعي داعش تكفير الشيعة وكفرهم.
الشهادة دلالة على عزم العراقيين على مجابهة الإرهاب، ودرس على وطنية شيعي من الجنوب؛ يضحي من أجل مدينة سنية.
الشهادات مسألة طبيعية في مدن الجنوب، التي تنتشر فيها لافتات سوداء، وصور لشباب بعمر الورود، وهم يرتدون زي عسكري تلفهم راية العراق؛ من جيش وشرطة وحشد شعبي، وبمجرد انتهاء العزاء ترفع اللافتات السوداء، وتبقى صور البطولة والمآثر والشجاعة؛ لتجسد أن قتال الشيعة والسنة والبيشمركـَة، ومختلف القوميات والطوائف والأديان؛ برغبة معظم العراقيين على وحدة بلدهم.
https://telegram.me/buratha