قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
إنتظرنا سنتين وأربعة أشهر وخمسة أيام، حتى نشرع بعملية تحرير الموصل، التي أحتلها "تنظيم" داعش الإرهابي بسويعات قليلة، بعد ان تخلى عنها "جيش" من عدة فرق عسكرية، مسلحة بأرقى أنواع الأسلحة، وكان بالموازاة مع هذا "الجيش" الذي هزمه "تنظيم"، عدة أجهزة أمنية، شرطة محلية وشرطة أتحادية وأمن وطني وجهاز مخابرات..وحكومة محلية.
من المؤكد أننا سننتصر على هذا "التنظيم"، وسنهزمه لامحالة، فقد ولد لدينا "جيش" حقيقي، غير ذلك "الجيش" المهزوم، ومعه تناخى كل العراقيين تحت عنوان الحشد الشعبي، المتسلح بشرعية فتوى الجهاد التي أصدرتها المرجعية الدينية العليا.
بين إحتلال الموصل وبين لحظة الشروع بتحريرها، مسافة كبيرة من الشعور الألم، وبمرارة الخسارة الفادحة التي سببها خروج الموصل، ومحافظات عدة عن حضن الوطن، لكن الأقسى وطأة على النفوس، هو بقاء متسببي هذه الخسارة المهينة، حاضرين وبقوة في المشهد السياسي وفي الدولة أيضا، بل وبمهارة فائقة تنصلوا عن عارهم وألصقوه بغيرهم، وها هم يتلمضون كالبغايا، بعد كل ليلة حمراء يقضينها مع زبائنهن الفجرة، إذ حينما يحل الصباح، يحلو لهن الحديث عن العفة.
مراجعة الذاكرة شيء مهم، ونحن نتوجه لإنهاد وجود داعش أولا، ونحو بناء منظومة حكم وعلاقات مجتمعية جديدة، باتت تعرف في المصطلح السياسي العراقي المنحوت، بالتسوية التأريخية على قاعدة لا غالب ولا مغلوب.
دعونا نتذكر ما كان يجري في الموصل وبعض المحافظات، قبل إحتلالها من قبل التحالف البعثوداعشي؛ إذاك حصلت أحتجاجات وتظاهرات وأعتصامات، في مناطق معينة من العراق، وقرأنا ها في البداية من وجهها الديمقراطي، مع أنها لم تكن تحمل هذا الوجه، ونتذكر أن الديمقراطية التي وفرها النظام القائم وليس غيره،هي التي أتاحت للمحتجين والمتظاهرين والمعتصمين، فرصة أن يقوموا بما يقومون به.
خمسة وثلاثون عاما من حكم البعث، كان شعبنا العراقي يتعرض خلالها لأعسف أنواع الظلم، ودعونا نسلم أن هذا الظلم، كان عاما على كل العراقيين، لكن الشيء الثابت؛ أن وطأته كانت أشد في الجنوب والوسط وفي كردستان، لكنه في المحافظات التي شهدت إحتجاجات وإعتصامات، لم يكن يكاد يذكر.
نتذكر أن ردود أفعال شعبنا، كانت تتناسب طرديا مع حجم الظلم وقسوته، وكان رد فعل الشعب الأقوى، قد حصل إبان الأنتفاضة الشعبانية المباركة، التي كانت الغرسة الأهم في الربيع العراقي.
في ذلك الوقت؛ سجل التاريخ أن كل العراقيين قد إنتفضوا، ما عدا المحافظات التي نعنيها! وهذا مؤشر يوفر كثير من المعطيات، لعل من بينها وربما هو أهمها، أن الذين كانوا يحركون الإحداث سلبا في عهدنا الجديد، كانوا ضمن آلة النظام السابق في تلك الأيام، بل أن من بين من قادوا الأعتصامات، من قمعوا إنتفاضة شعبان عام 1991..!
نتذكر أيضا؛ الشعارات التي رفعت في الإحتجاجات والإعتصامات، التي مهدت لسقوط الموصل والمحافظات "إياها"، أنها كانت تتحدث عن "حقوق" البعثيين، بل ورفعت أعلام البعث.
كلام قبل السلام: إنها الديمقراطية المنفلتة، وليس غيرها هي التي أتاحت لهم، أن يذهبوا الى آخر مدى في مطالبهم، دون أن يأخذوا في حساباتهم، أن مطالبهم تؤذي جمهرة واسعة من أبناء شعبنا، وآخرها إعتراضهم على عد عيد الغدير من ضمن العطل الرسمية، وهو موقف يتعين أن لا ننساه لهم، ونحن ذاهبون نحو تسوية لتأريخية معهم، مثلما لا يمكننا نسيان موقفهم في الأنتفاضة الشعبانية، حينما أسموا محافظاتهم بالمحافظات البيضاء، فيما اسمونا غوغاء..!
سلام..
https://telegram.me/buratha