قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
وأنا أرقب الحراك السياسي، الذي يدور هذه الأيام بين القوى السياسية، لا أعزو دوافع هذه التناحرات ،إلا الى أن الساسة منشغلين بترتيب أوضاعهم، إذ أنهم لايجدون متسعا من الوقت، للنظر الى مسافات أبعد من أجل الرحيل، أو ما بعده بقليل..
وسواء قربوا أجل انتخابات مجلس النواب، الى ميقات أنتخابات مجالس المحافظات، أو أجلوا أنتخابات مجالس المحافظات، الى مبقات أنتخابات مجلس النواب، أو قربوا الميقاتين بعضهما بعض في منتصف الأجلين، فإن معظم ساسة المشهد الراهن راحلون لا محالة.
أنا كمتابع وكإعلامي وكسياسي، لا يحتل مكانا بين هؤلاء الراحلين المتناحرين، بل أقف وسط مجموعة مهمتها صناعة الرأي، أحاول أن أنظر الى مسافة أبعد مما ينظرون، ولا أجد بدا؛ً من أن أذكرهم بأن رحيلهم هذه المرة قسري ، وسنشيعهم باللعنات؛ إن لم يتداركوا أمرهم فيما تبقى لهم من وقت، وعليهم أن يعوا حقيقة، أنهم يلعبون في الوقت الضائع، وأن لا أشواط أضافية للعب.
لقد سكتنا عليهم طويلا، وفي سكوتنا ظلم لأنفسنا ولأبنائنا وأحفادنا، وحينما يكون السكوت عن أخطاء المسؤولين، ناتجا عن دوافع إنتمائية، عرقية أو دينية أو طائفية، بل ومناطقية وحزبية، فإنه شراكة مع السيئين لا ريب فيها، ويصبح السكوت أكثر ظلما، في حالة شيوع روحية المحاباة والترضية السياسية، لهذا الطرف او ذاك، وإنه لَلفساد السياسي بعينه.
لقد تركنا المخطئين يعمهون بأخطائهم، ومن كافة مواقع المسؤولية، وعلى الأخص المفاصل العليا منها، دون مراجعة او محاسبة سادرين في غيهم، يتبرقعون ببراقع الوطنية، متمترسين بمتاريس صلاحياتهم الإدارية والوزارية، مخفين جرائمهم بحق الشعب، والمتمثلة بإضاعة فرص التقدم، والتلاعب بالمال العام، او التستر المتبادل على الأخطاء. والنتيجة مزيد من الإنهاك للحقوق العامة.
إننا نُدار بالحقيقة؛ في دولة لا تفكر أبعد من أرنبة أنفها، وما قانون العفو العام الأخير، إلا نموذج صارخ على سوء التفكير، ورداءة التدبير، وهو نتيجة طبيعية للفساد السياسي المستشري، في أوصال الطبقة السياسية الراحلة قريبا.
أقرأو فقرات القانون بتمعن، وستدهشون من مساحة الجرائم التي أُعفي عنها، وهي جميعا لا يمكن لأي هيئة تشريعية أو تنفيذية أن تعفوا عنها، لأنها تخص الحق العام أولا، وهو حق تمتلكه الهيئة الأجتماعية برمتها، ويحتاج التنازل عنه الى أستفتاء شعبي، وليس الى قانون طبخ على نار المساومات السياسية.
إن قانون العفو العام؛ يشكل إنحدارة سريعة بالكتل والقوى السياسية، ألى هاوية خيانة الأمانةالتي فشلوا بالمحافظة عليها، بل أنحدار جماعي، نحوة هوة عميقة بلا قرار، حيث لا قيم ولا مباديء تحكم القرار السياسي.
كلام قبل السلام: هذا القانون ـ الجريمة ناتج عن خطأ في التفكير والأدارة، فإن تراكم الأخطاء الإدارية وعدم معالجتها، يعد أكثر خطرا من الإرهاب، لأنه يوفر الأرضية الخصبة لإشاعة الفساد المالي والإداري، وإضاعة فرصا نادرة على البلاد، هي أحوج ما تكون إليها، بمقارعتها للوقت لطي مراحله التي يسببها الإهمال للتراكم والمتعمد لتطويره وبناءه.
سلام..
https://telegram.me/buratha