المقالات

اهل الحل والعقد.. من هم؟


بقلم : السيد عادل عبد المهدي

 

في الادبيات الاسلامية يرد تعبير جميل ودقيق في وصف  قيادة الامة وماسك دفتها والامين على مصالحها وحامل روحها والمعبر عن ضميرها. اهل الحل والعقد. وهو ما قد نعبر عنه اليوم بحملة المشروع. لا نشير هنا الى المرتكزات والمباني الايديولوجية او الفلسفية التي تقوم عليها البلدان والامم، بل نشير الى القيادة او الادارة العليا للعملية. فالمرتكزات قد تكون حكم مطلق فيكون الحل والعقد بيد الامبراطور او الملك او الزعيم او الدكتاتور.. وقد يكون حكم شوروي او ديمقراطي فيكون بيد المؤسسات التي لها ممثلون يعكسون توجهاتها. او قد يكون اي شكل بين هذا وذاك. لذلك نقول ان تعبير اهل الحل والعقد هو تعبير جميل ودقيق.. فهو يعرف مراكز القوى او الثلة او العصبة او الزعامة او القيادة التي تستطيع ان تقدم الحلول امام التحديات، والتي بانعقاد كلمتها وخيوطها ولحمتها وسداها ينعقد شمل الامة او الشعب او الجماعة او المجتمع.. وتتحد كلمته في رسم اتجاهات الحركة وتلاوينها وبوصلتها، وتظهر واضحة معالم الحياة والروح والزخم في المشروع. فبها الحل وبها تنعقد الامور. فمن يمثل اهل الحل والعقد في حالتنا؟

اهو مجلس النواب ممثل الشعب وسلطته التشريعية والرقابية؟ ام مجلس الوزراء وسلطته التنفيذية؟ ام رئيس الجمهورية كضامن للدستور ورئيس مجلس الوزراء كالمسؤول التنفيذي الاعلى والقائد العام؟ أم لجان الظل التي تطبخ القرارات؟ أم السلطة القضائية كميزان لمستويات العدالة؟ أم المرجعية، صمام الامان ومنارنا عند الملمات؟ ام الشعب مصدر السلطات وضغوطاته باشكالها المختلفة؟ ام الاحزاب الممثلة لتيارات المجتمع باجتماعاتها وائتلافاتها وتوافقاتها واختلافاتها؟ ام حركة الشارع والراي العام كقوى ضاغطة؟ ام الاعلام والفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي كسلطة رابعة؟ ام الجهات الاجنبية الراعية او الطامعة؟ أهناك في العراق اهل حل وعقد؟ ام لكل ساحة ومنطقة اهل حل وعقد، يجتمعون احياناً، ولا يجتمعون غالباً على حل او عقد واحد؟

في رأينا تختلط ممارسة اهل الحل والعقد لدينا بين جميع العناوين اعلاه، فبدل ان تتكامل، تعطل بعضها بعضاً.. لذلك هناك فوضى.. فلا حلول جدية او مستدامة، ولا عقد اجتماعي او حاكم يحدد مسارات البلاد. فالحل والعقد في مرحلة الدكتاتورية بيد الطاغية.. والحل والعقد في البلدان الديمقراطية او الشوروية بيد المؤسسات، التي تعكس رغبات الشعب، فتحدد الواجبات، وتوليها لرئيس او حكومة او ائتلاف او مجلس امن وطني، وذلك حسب تجارب البلدان. لقد جربنا المرحلة الدكتاتورية، وكانت واضحة في توجهاتها وسياساتها الاستبدادية، العنصرية، الطائفية.. وفي حروبها وسياساتها الوطنية والخارجية. وبعد سقوطها لم نبن بعد النظام الديمقراطي الذي ندعيه، لا من حيث المؤسسات، ولا من حيث المفاهيم والخلفيات المنظمة لسلوكياتها وسياساتها. فاختلطت سلبيات الماضي بسلبيات الحاضر، واخفت او عطلت الكثير من الايجابيات الموروثة او المتحققة. لذلك الاحساس المستمر اننا في ازمة وفي حالات احباط، بينما تمتلك البلاد زخماً عظيماً وامكانيات كبيرة للتقدم للامام.

ما هو الحل واين يكمن العقد؟ انه -في رأينا- في جميع العناوين اعلاه او اغلبها، شريطة ان يمارس كل دوره وفق الدستور نصاً وروحاً، لا ان يستل كل مسؤول او طرف جزءاً ليقرر ويحكم ويسلطن نفسه معتدياً على الاجزاء الاخرى. والحل والعقد ان يحترم كل عضو او هيئة او حزب او مكون دور مؤسسته، فلا يتهاون في مسؤولياتها، ولا يتجاوزها ليمتد او يعطل مسؤوليات الاخرين. والاهم من ذلك كله ان يجتمع الجميع على صون لسانهم ومعرفة حدودهم واستخدام عقولهم ورشدهم بدل اعتبار الحماقة والنزاقة والاستهتار والصراخ والكذب قوة ورصيد، كما يفعل البعض. فالكلمة الملتزمة والعقل الراشد حل وعقد، والكلمة اللامسؤولة والعقل الجاهل فتنة وخصومة. عندها سنكون قد دخلنا التأسيس الطبيعي لاهل الحل والعقد، حيث تأتي الحلول الناضجة والعقود المتسدامة.

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك