قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
لم تكن أزمتنا السياسية وليدة زمن قريب، ولم تحدث على حين غرة، إذ ومن وقت يمتد إلى ما قبل الانتخابات النيابية، التي تشكل بموجبها مشهدنا السياسي الراهن، كانت الصورة تبدو؛ وكأن البلاد تتجه نحو فرز من نوع جديد، من البناء السياسي يحمل في طياته كل معالم الازمة الحالية.
بُعيد الأنتخابات النيابية الأخيرة وبتخطيط مسبق من المصمم الأمريكي للعملية السياسية، وبتنفيذ حاذق من قبل مفوضية الأنتخابات، التي شرعت القانون الأنتخابي الساري، ونظام توزيع المقاعد النيابية العجيب، أتضح بجلاء أن البلاد وقعت، في فخ لم يمكننا تجنبه مع الأسف.
نتيجة الأنتخابات سمحت لمن يمتلك 100 صوت أن يكون نائبا، وأستبعدت من كان لديه أكثر من ستة آلاف صوت، من قبة البرلمان، وحيث كوتا النساء؛ التي بوأت نسوة لا يعرفن "الجك من البك"، منزلة لم يكن ليحلمن بها، هذا الواقع الانتخابي؛ طغى على مفاوضات تكليف رئيس الوزراء السيد العبادي، كما أنه كان بوصلة تشكيل الحكومة، التي تحولت منذ لحظة تشكيلها، الى حكومة ولّادة للأزمات!
كان يفترض ومنذ أن تولد هذا الشعور، أن تدفع الازمات بكل القوى السياسية، لمراجعة جوهر مواقفها، سيما أن الواقع المتوتر، الذي يخيم على الساحة السياسية، لا يشي بحلول قريبة للمآزق التي نمر بها، على الصعد النيابية والرئاسية والحكومية.
كان الساسة وخصوصا "القادة" منهم؛ يعلمون علم اليقين أنهم أوقعوا البلاد في أزمة، وأن هذه الأزمة ستتطور وتتفاقم، الى أزمات ثم الى فتنة، إذا ما بقيت متفاعلة، ولكنهم أنكفأوا على أنفسهم، ظنا منهم أن الزمن كفيل بحل المشكلات، ولذلك لم يتعاملوا بواقعية مع الأحداث، تلك الواقعية التي تفترض، وبالاستناد إلى قراءة الماضي، ومحددات الحاضر، ومتطلبات المستقبل، الذهاب لإجراء تسوية داخلية شاملة، بهدف السماح بانطلاق البلاد نحو العصر الجديد.
لكن والى لحظتنا الراهنة، فإن كل فريق ما زال متمسكا بقناعاته، التي يعتقد أن التراجع عنها، يشكل تحولاً في مصيره السياسي، وربما انكفاءا نحو المجهول.
المسألة اضحت بهذا التعقيد الواضح على الأرض، حيث استبدلت هموم السيادة والحرية والاستقرار، بالشبق السلطوي؛ لذلك فان الحل لم يعد قائما في الكواليس السياسية، بل في حماية الديمقراطية الوليدة، من حرب الإلغاء والعودة الى الأستبداد، وهذا ما يدركه كل الساسة تقريبا، ويخشونه لأنه سيفقدهم والى الأبد، مقاماتهم الرفيعة زورا!
كلام قبل السلام: منذ أن نال العراق وثيقة خلاصه من العبودية الصدامية، عام 2003 وحتى اليوم، وكل الساسة يبشروننا بالاصلاحات، وتتشكل حكومة إثر حكومة، ولغاية اليوم تبدلت علينا خمسة أطقم حكومية، وكل منها يبشرنا بأنه سيحاسب عن المرحلة الماضية، ولكن من ذلك الحين وحتى الساعة، لم تجر محاسبة لأي احد، لأنه لا يمكن للص أن يحاسب لص؟!
سلام.....
https://telegram.me/buratha