قد لا يعرف الناس قدر قادتهم، إلا بعد رحيلهم، ومن هؤلاء القادة، السيد عبد العزيز الحكيم، فقد تعرض إلى ظلم كبير، وحربا إعلامية من قبل أعدائه البعثيين، ومن بعض الجهلة.
في تلك الأـيام كان أحد الشباب، في حينا كثيرا السباب، للسيد عبد العزيز الحكيم، حتى كان يسخر من السيد في مرضه، حين تغير شكله، وتساقط شعره بفعل العلاج، وينعته بألفاظ لا يمكن ذكرها، ثم إنتقل السيد إلى جوار ربه، وبعد أشهر وبشكل مفاجئ، أصيب هذا الشاب، بعجز كلوي في كليتيه، وعانى من المرض أسابيع، حتى صار كالهيكل العظمي، شاهدته ينام وهو جالس، لا يستطيع الإستلقاء على ظهره، إلا أن توفي، وهنا علينا أن نتعظ، فالسعيد من وعظ بغيره.
السيد الحكيم من ذلك البيت المجاهد، قدم عشرات الشهداء، والمعذبين في السجون، وكان من المقربين، للسيد محمد باقر الصدر، وترأس حركة مجاهدي الثورة الإسلامية، التي قامت بعمليات جهادية، ضد صدام في الثمانينات.
وقبل سقوط صدام، كان السيد الراحل، الممثل السياسي لأخيه السيد محمد باقر الحكيم، ومثله في عدة مؤتمرات للمعارضة العراقية، وبعد سقوط صدام، تحمل السيد الراحل المسؤولية السياسية، وإنتهاج الوسائل السلمية، مع القوات المحتلة، التي أسقطت أعتى دكتاتورية عرفها العراق، وعدم إنهاك الشعب، في حروب قد تكون في غير مصلحته، وعدم تكرار المعادلة الظالمة، التي حكمت العراق منذ مئات السنين، إذ الأقلية تحكم وتضطهد الأكثرية، ولكي لا تتكر تجربة ثورة العشرين.
كان السيد شديد الحرص، على حقوق المكون الشيعي، مع حفظ حقوق جميع المكونات، فترأس التحالف العراقي الموحد، في أيامه الذهبية، فدعا إلى إشراك جميع المكونات، والطوائف في حكم العراق، يوم كان التحالف الوطني، بإستطاعته تشكيل حكومة لوحده؛ لأنه كان يمتلك الغالبية العددية، فكانت المصلحة الوطنية، تقتضي إشراك الجميع.
ساهم السيد الحكيم، في توحيد وجمع شتات الأحزاب الشيعية، في كتلة واحدة، وفي المواسم الإنتخابية، كان السيد يجوب محافظات العراق، وقد بح صوته للترويج للتحالف، في حين الأحزاب الشيعية الأخرى، أخذت حصصها في التحالف، بالتساوي مع المجلس الأعلى، بل البعض أخذ أكثر من حصته، ولم يبذلوا جهدا في الترويج، لأنفسهم إذ كانت القائمة مغلقة
لم يتمسك المجلس الأعلى، في ذلك الوقت، بمنصب رئاسة الوزراء، يوم كانوا يملكون الشارع، ولديهم تسع محافظات، فتنازلوا لحزب الدعوة، حفاظا على وحدة المكون الشيعي، وقدم السيد الحكيم، نوري المالكي لرئاسة الوزراء، وسحب ترشيح السيد عادل عبد المهدي.
كان السيد في أيامه الأخيره، وعينه على وحدة التحالف الوطني، يتابع ويسأل وهو في تلك الحالة الصعبة، فأنتقل إلى جوار ربه، مجاهدا مظلوما صابرا، على كره البعيد، وجفوة القريب، وشماتة العدو، وحسد المنافسين، وكيد الكائدين، فسلم الراية إلى نجله السيد عمار الحكيم، فكان خير خلف لخير سلف، متحملا ذلك الطريق، الصعب الموحش، وهو طريق الحق.
https://telegram.me/buratha