في مقال سابق ذكرنا أربعة استحقاقات لشيعة العراق يجب مراعاتها بعد معركة ( كسر الإرهاب ) في الفلوجة لما لها من أهمية كبيرة ذات تأثير ستراتيجي على مستقبل العراق ومنطقة الشرق الأوسط ، وهذه ليست الإستحقاقات النهائية بل بعضها وأهمها ، وذكرنا أن أول هذه الإستحقاقات استبدال قيادات الشيعة السياسية الحالية ، وهذه ليست بدعة في عالم السياسة إنما هو منهج متبع في الدول المتطورة حيث تقوم كل الجهات السياسية العاملة في تلك الدول بتغير قياداتها سواء على صعيد الأحزاب أو الحكومات لغرض تقديم أفضل الخدمات وتحقيق الأهداف التي ينشدها الشعب ، وهذا يدعونا لذكر الأسباب الموجبة التي تدعو الى استبدالهم كي تكون الأمور أكثر وضوحا.
ومن هذه الأسباب:
أولا: أن معظم القيادات السياسية لشيعة العراق ألزمت نفسها بتعهدات مع جهات سياسية عراقية وخارجية على حساب مصالح شيعة العراق وهذا أمر مؤسف ، فإن كان ذلك مقبولا أو مسوغا قبل معركة الفلوجة بإدعاءات منها أن شيعة العراق لا يستطيعون حكم العراق بدون مساندة الكرد أو أنهم بحاجة الى البعد العربي وغيرها من التبريرات الواهية فصار من الأفضل لهم أن يسلموا زمام الأمور لقيادات جديدة كي يتحرروا من التزاماتهم وتعهداتهم للقوى والجهات السياسية الأخرى ، ولهذا فأن حتمية الأستبدال للقيادات الحالية أصبحت ضرورة ملحة في المرحلة القادمة.
ثانيا: أن هذه القيادات قد استهلكت مبررات وجودها واستنفدت كل طاقاتها بل حرقت نفسها أمام قواعدها ذاتها ، ولأول مرة نرى جماهير تلك الأحزاب تهاجم مقرات قياداتها ورموزها ومؤسساتها وتطالب بتغييرها ومحاسبتها.
ثالثا: اثبتت القيادات الحالية فشلها وعدم قدرتها على إدارة المهمة على كل الإصعدة سواء على صعيد إدارة الدولة أو على صعيد القرار السياسي فهي خاضعة للضغوط والإبتزاز وملازمة الخنوع للشركاء وتغليب المصالح الشخصية والحزبية على المصالح العامة.
رابعا: عجز هذه القيادات طيلة هذه الفترة المنصرمة عن طرح مشروع سياسي منسجم يراعي مصالح شيعة العراق وعدم وجود رؤية سياسية موحدة لمستقبلهم وضمان حقوقهم.
خامسا: أصبح وجود هذه القيادات الحالية ويشكل معضلة في طريق اي اصلاح حقيقي في البلاد ، كما أن وجودها في القيادة أصبح مدعاة للتفرقة وسببا مباشرا في شق الصف الشيعي وتعتبر مواقفه وآرائهم تمردا على المرجعية الدينية وعدم انصياعهم لرأيها في الكثير من المواقف وهذا ما أجج غضب المرجعية الدينية عليهم وغلق الباب بوجوههم وعدم استقبالهم.
سادسا: أثبت الواقع الحالي أن هذه القيادات السياسية فاسدة وتسعى للثراء الفاحش على حساب الشعب والأستحواذ على المال العام والسيطرة على مفاصل الدولة الأقتصادية والتصرف بها وتحويلها الى صفقات تجارية تدر بالإموال لصالح أحزابهم وشركاتهم الخاصة وشخصياتهم ، ولا يمكن لهكذا قيادات أن تستمر في تمثيل شيعة العراق مستقبلا بعد أن تورطت بالفساد بل يجب إحالتهم الى القضاء لمحاسبتهم.
سابعا: تحتم المرحلة القادمة بعد معركة الفلوجة وتقتضي وجود قيادات شجاعة وذكية وتتمتع بذهنية ستراتيجية وذات مواصفات خاصة تقدر خطورة المرحلة وتضع نصب عينيها حجم المهام الجسام التي لابد وأن تكون بحجم التضحيات الكبيرة التي قدمها أبناء شيعة العراق.
إذن المطلوب تصدي قيادات شيعية سياسية ميدانية حققت انتصارات باهرة ومظفرة على الإرهاب وقوى الظلام والسعي لإزاحة هذه القيادات الحالية والخلاص منهم بشتى الطرق. وعلى القيادات البديلة أن تدركوا جيدا أهمية المرحلة القادمة ولذلك يتوجب عليهم وضع خطة لعملية التغيير واستلام زمام المبادرة واعداد وتهيئة الرجال الأشداء والمخلصين والسيطرة على كافة مفاصل الدولة ودوائر صنع القرار ابتداء من مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء والوزارات السيادية والمؤسسات الأمنية والإقتصادية ، وايجاد ستراتيجية للتعامل مع القوى السياسية الأخرى خصوصا الكرد والسنة.
https://telegram.me/buratha