الحرب على «داعش» ليست حرباً عسكرية فقط. هكذا يعتقد معظم العراقيين الذي يشكون منذ سنوات من تقصير أو تقاعس إعلامي ودولي إزاء حقيقة الاحداث في البلاد. كما يبدو فإنّ المعارك التي تخوضها القوات الأمنية حالياً لتحرير الفلوجة (60 كم غرب بغداد) أقدم وأهم معاقل «داعش»، مناسبة لثورة إعلامية الكترونية تفوّق فيها العراقيون على نظرائهم في الخليج، خصوصاً السعودية ممن ينتمي لداعش أو يتعاطف معه.
حتى موعد إنطلاق عمليات الفلوجة، كان التواجد العراقي في صفحات التواصل الاجتماعي يقتصر على الفايسبوك، في حين أن لائحة مستخدمي تويتر الذي يحظى بإهتمام خليجيّ سعوديّ، يضع العراقيين في مراتب متأخرة من حيث الاستخدام. لكن في ظرف أسبوع تقريباً، تمكّن المستخدمون العراقيون من إحتلال صدارة التواجد على تويتر، في ظلّ الإعتقاد السائد بأنّ هذا الموقع يضمّ مروّجين لجماعات ارهابية متطرّفة، وأيضاً قيادات من داعش والنصرة ومدوّنين متعاطفين مع تلك التنظيمات.
بطبيعة الحال، إن المقارنة فرضت نفسها بين المستخدمين العراقيين والسعوديين لإعتبارات عدّة، منها أن السعوديين كانوا يشكّلون العدد الأكبر من عدد مستخدمي تويتر العرب، إضافة إلى إعتقاد المدوّنين العراقيين بأنّ حملتهم لنصرة القوات الامنية التي تَجهد لتحرير الفلوجة، ستكون موجّهة لجمهور يشكّل السعوديين الجزء الأكبر منهم، إستناداً إلى التقارير التي تؤكّد أن المتعاطفين مع التنظيمات المتطرّفة هم من السعوديين. الهدف من حملات الهاشتاغ (منها #الفلوجة_تتحرر) التي أطلقها ناشطون عراقيون، هي مواجهة أكاذيب تروّج لها قنوات عربية بشأن حقيقة الحرب في الفلوجة، وأيضاً صفحات تواصل اجتماعي تعود إما لاعلاميين أو ناشطين خليجيين.
وعن التحوّل العراقي اللافت في تويتر، قال أحمد آغا لـ «الاخبار» وهو أحد الناشطين المساهمين في الحشد الاعلامي على صفحات التواصل الإجتماعي إن «تحويل الاهتمام العراقي من الفايسبوك وتويتر معاً كان بفضل ناشطين واعلاميين يملكون عدداً كبيراً من المتابعين والاصدقاء. الهدف هو تغيير الخطاب الخاطئ حول العراق الموجود على هذه الصفحات».
ولفت آغا إلى أنّ «الحملة نجحت في تغيير قناعات كانت سائدة وبثّ حقائق مُغيّبة عن الوضع في العراق، خصوصاً الهدف الأساسي من المعارك حالياً في الفلوجة، التي تهدف إلى تحرير المدينة والمدنيين فيها، وليس كما تريد أن تروّج صفحات وقنوات إعلامية. إن إستيلاء العراقيين على الهاشتاغ الأكثر تداولاً عبر تويتر، أسهم في كسب مدوّنين عرب صاروا يكتبون بقناعات مختلفة». وأشار آغا إلى أن الحملة لا تقتصر على العالم العربي، إنما كان هناك هاشتاغ باللغة الانكليزية بهدف الوصول الى الرأي العام العالمي».
ودائماً ما يشكو مختصّون عراقيون من حملة إعلامية ذات بُعد طائفي تقودها جهات ممولة على الأكثر من السعودية أو دول خليجية أخرى لتشويه الأحداث في العراق ما بعد 2003. وقال الصحافي والناشط محمد رضا إن «الإعلام العربي مستمرّ في التعامل وفق معايير خاطئة ومجحفة مع العراق، وهذا واضح في ملف الحرب على داعش». وأضاف أنّ «الاعلام في المنطقة العربية والعالم صار جزءاً من صناعة الافكار والعقائد. ولذلك نحن نعتقد أن الاعلام العربي أسهم بشكل كبير في موجة التطرف التي أضرّت بالعراق ودول عربية أخرى».
https://telegram.me/buratha