ابو علي مواطن عراقي بسيط والحاصل على شهادة البكلوريوس الجامعية لم يكن بافضل حالا من اقرانه الخريجيين، فابو علي او الخبيير كما يحب اصدقائه أن ينادوه، كان يعمل عامل بناء بسيط، يخرج كل يوم فجرا لما يسمى "المسطر" فيحصل على عمل يومه وكثير من الأحيان لا يحصل.
لم يكن أبا علي رغم ضيق ذات يده بعيدا عن هموم مواطني بلده، فزمرة البعث عاثت في الأرض فسادا، لذا إنخرط أبو علي ومن باب وازعه الديني في ضمن التنظيمات الاسلامية السرية العاملة في العراق وكان بين فترة وأخرى يزور مقرات المعارضة في الأهوار أو
في بادية السماوة.
الحلم الذي كان يراود أبا علي هو زوال الطاغية صدام وجلاوزته الطغاة وقد تحقق ذلك الحلم عام 2003 بزوال اللانظام على يد الامريكان رغم إن أبا علي كان يحلم بزوال الطاغية على أيدي العراقيين.
إستبشر الخببير أبو علي كبقية العراقيين بأن الحرية والخير والنماء ستحل بأرض العراق، وكان أمله معقود على الأحزاب الإسلامية التي كان يعمل في صفوفها متخفيا، وحينما فتحت الأحزاب الأسلامية كان أبو علي من أوائل من عمل ضمن المكاتب.
بمرور الوقت وجد أبو علي إن تلك الأحزاب إنقلبت على دعواها، إذ صارت مكاتب تلك الأحزاب مرتعا للإنتهازيين وماسحي الإكتاف فأثار هذا الأمر حفيظة أبي علي فأنسحب من المكاتب لكنه بقي يدعم الأحزاب الأسلامية وخصوصا قياداتها كونه يرى إن أخطاء المكاتب لا تحسب على القادة.
في ظل المنافع والمغانم حاول أبو علي أن يجد لنفسه فرصة عمل تليق بشهادته الجامعية ولكنه وجد إن التعيينات بدأت نتحصر في إولئك الإنتهازيين وصاروا هم من يزكي المنتمين من غيرهم.
لم يحصل أبو علي على فرصة عمل وظلت معاملته تتراوح بين أدراج الدوائر التي صارت تخضع للمحاصصة الحزبية.
حاول أبو علي أيضا الحصول على قطعة أرض ليسكن هو وعائلته تحت سقف بيت يحميهم من تقلبات الجو إلا إن محاولته باءت بالفشل فهو لم يكن سجينا سياسيا ولم يكن ممن قضوا عمرهم في الخارج ولم يكن من الإنتهازيين الذين زورا أوراق ليصبحوا في ليلة وضحاها من مطبلين لنظام البعث إلى مضطهدين سياسيين.
بين يأس وإحباط وصدمة مهولة بقي أبو علي يترنح من الأسى في هذا العراق الجديد يعاني من ألم الحياة ومأساتها، فلا إمكانية لديه ليحسن من مستوى معيشة عائلته فقد بقي عامل بناء كحاله سابقا وصار والحال هكذا أن ترك أبناءه مقاعد الدراسة لعدم إمكانية توفير ما يمكنه أن يقومهم في دراستهم.
مرضت أم علي بمرض مزمن لا شفاء له لتضيف لأعباء أبو علي أعباءا أخرى.
تعب أبو علي ومل الإنتظار وزاد سخطه على من ظلمه قبلا وظلمه الآن، تعب أبو علي وهو يسمع من يصعدون منابر السياسة وهم يهتفون بإسم حقوق الفقراء وهو يرى حالة من سيء لأسوء.
لم يكن سلوى لأبي علي إلا إنه يرى إن ما قدمه من تضحيات وجهاد كان بداعي حب الوطن والتقرب من الرب، وإن جهاده سيحتسبه عند من لا تضيع عنده الودائع.
https://telegram.me/buratha