يثير الإعتداء المشين الذي تعرض له رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي في مجلس النواب العراقي يوم الثلاثاء الماضي, علامات إستفهام عن دوافعه وعن مدى مشروعيته وكما يحلو للبعض وصفه بالممارسة الديمقراطية.
وقبل الخوض في ذلك لابد من إدانة هذا الفعل المشين الذي يعتبر إعتداءا على هيبة الدولة العراقية ورمزا من رموزها. وأما كونه ممارسة ديمقراطية فلاشك بانه بعيد كل البعد عنها وتكفي الإشارة الى ماجرى قبل أسبوعين في البرلمان البريطاني العريق بممارساته الديمقراطية عندما تم طرد نائب بريطاني وصف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بالعاطل, وعندما أصر على إستخدام الوصف وعدم إستبداله بآخر أصدر رئيس البرلمان امرا بطرده من بناية البرلمان لمدة يوم كامل.
وإذا اردنا ان نطبق هذه المعايير فإن التصرف الذي أقدمت عليه النائبة حنان الفتلاوي يستدعي إسقاط الحصانة عنها وتقديمها للمحاكمة, وهو امر يتوقف أولا على السيد رئيس الوزراء في رفع قضية عليها امام المحاكم وبالتالي تجريدها من الحصانة البرلمانية تمهيدا لمحاكمتها. وكذلك فإن رئاسة مجلس النواب مطالبة بإتخاذ إجراءات عقابية بحق جميع النواب الذين خرقوا القانون واعتدوا على الأموال العامة خلال الجلسة, عبر تخريب اللوحات الألكترونية واقتلاع المايكروفونات والكراسي وغيرها.
واما الدوافع وما ادراك مالدوافع فلاشك بانها تتعلق بتبخر حلم الولاية الثالثة ومنذ قبول الدكتور العبادي لمنصب رئيس الوزراء. فقد ناصبه مناصروا المالكي وبضمنهم الفتلاوي العداء ووصفوه بالغادر والخائن والى غير ذلك من الأوصاف. ولقد ساهمت قرارات العبادي في تقليص حمايات النواب ومخصصاتهم في تنامي الحقد عليه داخل تلك الشريحة من النواب التي لا تهمها سوى مصالحها.
ولكن هل يستحق رئيس الوزراء مثل هذه الإهانة؟ فالعبادي لم يُحترم كبر سنه ولا تاريخه الجهادي ولا تاريخ عائلته. فالعبادي ينحدر من عائلة مجاهدة معروفة فوالده كان احد أشهر أطباء العراق , ولم يتلوث بحزب البعث كما تلوث وتنجس به آباء غيره, والعبادي قدّم إثنين من اخوته شهداء في زمن النظام الصدامي ولم يكن أخوته ممن حملوا السلاح لقتل العراقيين الذين شاركوا في إنتفاضة شعبان المجيدة, والعبادي لم يتنجس بحزب البعث كما فعل غيره ممن تحولوا الى عين نجاسة, لن يطهرهم منها القائد الضرورة ولاغيره, فهل يستحق العبادي ذلك؟
وهل أن دافع إهانته هو مسؤوليته عن تردي الوضع الإقتصادي في البلاد وهو الذي ورث من سلفه المالكي خزينة خاوية وبلد مثقل بالديون وبلاد محتلة ونفط سعره أرخص من الماء؟
وهل يستحق العبادي ذلك وهو الذي تحررت معظم مناطق العراق في عهده من هيمنة تنظيم داعش الإرهابي؟ فإن كان العبادي يستحق الضرب بقناني المياه بالرغم من كل ذلك , فما الذي يستحقه نوري المالكي رئيس الوزراء السابق إذن؟
فالمالكي حكم البلاد لمدة ثمان سنوات اهدر خلالها اكثر من 700 مليار دولار من ثروات العراق, ولم يحقق له الأمن ولا الإعمار, ولم يبني جيشا قويا يدافع عن البلد بل سلم ثلث العراق لتنظيم داعش الإرهابي وجاء بكل حثالات البعث الى البرلمان والى الأجهزة الأمنية , وحول البلاد الى ضيعة له ولأبنه وصهريه وأبناء عمومته ومرتزقته.
ولذا فيبقى سؤالا محيرا وهو لم لم يضرب هؤلاء النواب الوطنيّون, الإصلاحيون, المناهضون للمحاصصة القومية والعرقية والحزبية والعشائرية والعائلية لم لم يضربوا نوري كامل المالكي بالقنادر بالرغم من انه يستحق الضرب بالرصاص؟!
https://telegram.me/buratha