التحديات الكبرى والأزمات التي تواجه الأمم، قد تؤدي إلى الإنهيار، أو الإقتتال الداخلي، أو التقسيم، وفي جانب آخر، قد تؤدي الظروف العصيبة، إلى تلاحم وتماسك تلك الشعوب. تلك الأزمات المتتالية التي مرت على العراق، لو مرت ببلد آخر، لتفكك وتشضى، وهذا ما حصل، في بعض الدول التي تقسمت، إلا أننا رغم الحرب الطائفية، التي مرت ومضت، والحرب مع الدواعش، إلا أن هناك ما يدعو، إلا الأمل والتفاؤل؛ فلا يزال العراق موحدا، رغم دعوات التقسيم، من بعض الأصوات النشاز، سواء من داخل العراق أو خارجه، فالمواطن العراقي يرفض مشروع الأقلمة، فكيف سيقبل بالتقسيم!
ما بعد سقوط الموصل، وما خلفته من تداعيات، تضررت منها كل طوائف الشعب، خصوصا أبناء المناطق المغتصبة من الدواعش، من قتل وتشريد وإنتهاك الحرمات، بلغ عدد النازحين أكثر من ثلاثة ملايين نازح.
ثمة علامة مضيئة، من تلك المأساة الإنسانية، إذ يعيش حوالي مليون نازح سني، في مناطق شيعية، وسط وجنوب العراق، وليسوا معزولين في مخيمات نائية؛ بل يعيشون وسط إخوتهم، يتقاسمون رغيف الخبز، والملبس ويدرسون في مدارسهم، ويتعالجون في مستشفياتهم، يتحركون بحرية وأمان.
أولئك النازحزن هم سفراء السلام والإخوة، بما سينقلوه من المعاملة الحسنة، وكرم الضيافة من إخوة الوطن، إلى مناطقهم وعشائرهم، ممن لا يعرف تلك الحقائق، حينئذ ستتغير كثير من القناعات الخاطئة، وسيخسر الداعشيون ملاذاتهم وحواضنهم، بعد أن أضاقوا أهلها الويل والثبور، في الوقت الذي وقف فيه الشيعي، مع أخيه السني، في تلك المحنة الكبيرة، فضلا عن الدعم الأمحدود، من لدن المرجعية العليا، في إغاثة النازحين، وإيصال المواد الغذائية، إلى المناطق المحاصرة، من أبناء جلدتهم، كحديثة والبغدادي وغيرها من المناطق.
لم تقتصر تلك الصورة المشرفة، على ذلك فحسب؛ بل إختلطت دماء العراقيين مع بعض، في معارك تحرير المدن، من رجس الدواعش، وأستقبل المقاتلون الشجعان بالأهازيج والترحاب، ونحن على أعتاب، نصر كبير في الأنبار، بعد أند تحررت الرمادي، وحوصر الدواعش في جحورهم.
اليوم قد إنجلت الحقائق، وأخرست الأصوات التي تطالب، بحقوق المناطق التي تدعي أنها مهمشة، ولن يسمح أبناء تلك المناطق، لأولئك الطائفيون، أو الداعشيون، العيش بينهم والعبث بأمنهم، بعد الذي حصل، فأنكشفت اللعبة وأستوعب الدرس، وهذا ما يجعلنا نتفائل ونأمل، بسلم أهلي وعيش مشترك.
https://telegram.me/buratha