إستهلت السعودية العام الميلادي الجديد بتنفيذ سلسلة من احكام الإعدام طالت عددا من الناشطين والمعارضين الإصلاحيين, وفي طليعتهم رجل الدين البارز الشيخ نمر باقر النمر. أعقب إعلان الداخلية السعودية تنفيذ تلك الأحكام, إنهاء التحالف العسكري الذي تقوده السعودية للهدنة المعلنة في اليمن, مما يعني مواصلة العدوان السعودي على اليمن , الذي دخل شهره العاشر على التوالي.
هذه التطورات تشير الى ان السياسة السعودية في هذا العام تتجّه نحو التشدّد سعيا لتحقيق مكاسب على صعيد عدد من الملفات المتورطة فيها السعودية في المنطقة. فالسعودية عانت في العام الماضي من فشل ذريع وخيبة امل في مختلف مناطق الصراع المتورطة فيها وفي طليعتها سوريا والعراق واليمن.
فشلت السعودية وبعد مرور قرابة الخمسة أعوام في إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد بالرغم من الدعم الكبير الذي قدمته للجماعات المسلحة هناك, وأصبح نظام الأسد رقما صعبا في المعادلة السورية لا يمكن تجاوزه بأي شكل من الأشكال. وأما رجالها هناك وفي طليعتهم المدعو زهران علوش فقد رحلوا غير مأسوف عليهم.
وأما في العراق فالفشل السعودي جليّ وواضح, فالسعودية التي ناصبت النظام السياسي الجديد في العراق العداء ومنذ العام 2003, فشلت في إسقاط العملية السياسية, بالرغم من تسخيرها لماكينتها الإعلامية وللمؤسسة الدينية وللجماعات الإرهابية من اجل تغيير المعادلة في العراق, وودعت السعودية العام 2015 على وقع انغام البساطيل العراقية التي نجحت في تحرير مدينة الرمادي من براثن تنظيم داعش الإرهابي.
واما في اليمن فجراحات السعودية عميقة إذ منيت بخسائر كبيرة هناك, وبدات الحرب بالإنتقال الى داخل اراضيها. وفي ظل هذا الفشل الذريع وعلى مختلف الملفات وبالرغم من إنفاق السعودية لمئات المليارات من الدولارات , تبدو السعودية مصمّة على تحقيق إنتصارات هذا العام. واما الطريق لتحقيق ذلك فهو في مزيد من التصعيد الداخلي والخارجي, وقد ظهر جليا ذلك اليوم عبر قرارات الإعدام وإنهاء الهدنة في اليمن.
لكن هذه السياسة الإنتقامية لن تفلح في إخراج السعودية من المستنقعات التي تورطت فيها في كل من سوريا والعراق واليمن. فهي من ناحية ستؤدي الى إزدياد التوترات والإضطرابات الداخلية, ومن ناحية اخرى فإنها تثير غضبا عارما في العديد من دول المنطقة ستكون له ردود أفعال عكسية.
واما مراهنة السعودية على الدعم الغربي فلن تجدي نفعا, فالحكومات الغربية الداعمة لها كبريطانيا وامريكا تجد نفسها في موقف محرج, مع تصاعد الأصوات الداخلية المطالبة بالضغط على أسعود لوقف إنتهاكات حقوق الإنسان داخل المملكة, وفي وقف دعمها للجماعات الإرهابية وعدم استهداف المدنيين في اليمن.
إن قرارات اليوم تقدم دليلا صارخا على عمق الأزمة التي يمر بها آل سعود, وهي تشير أيضا الى عزمهم على خوض حرب لا هوادة فيها من أجل الخروج من مأزقهم الذي لم يتورطوا بمثله ومنذ إنشاء دولتهم.
https://telegram.me/buratha