نبذة تأريخية:
منذ انتهاء الإحتلال العثماني البغيض بعد سقوط الرجل المريض والشعب العراقي يناضل نضالا مريرا ضد أية قوة سعت إلى اغتصاب حقوقه ومصادرة حريته ونهب ثرواته، ومن هذا المنطلق رفض هذا الشعب العريق رفضا قاطعا إستبدال ذلك الإستعمار الظلامي البغيض الذي دام أربعة قرون بالاستعمار البريطاني الذي بدأ بدخول الجنرال مود البصرة عام 1921 وهو يحمل معه مقولته الكاذبة التي أطلقها حال تدنيس الجيش البريطاني الأرض العراقية :
(جئنا محررين لافاتحين ) لكن الشعب العراقي المعروف بوعيه وذكائه كان يدرك ماوراء تلك المقولة من خبث ومكر فلم يصدقها وخاض نضالا مريرا ضد الإستعمار الجديد والحكومات التي دارت في فلكه إبتداء من الثورة العراقية الكبرى في الثلاثين من حزيران عام 1920ومعارك الرارنجية والرميثة والديوانية وأبو صخير التي واجه بها العراقيون دبابات ومدافع الجيش البريطاني بـ (الفالة والمكوار والبرنو ) وهوسات الثوار (الطوب أحسن لو مكواري ) نشرت الرعب في نفوس الجنود الإنكليز وقادتهم بعد أن ذاقوا الموت الزؤام من ثوار العراق رغم إنحراف بعض الخونة الذين باعوا أنفسهم لهذا المستعمر الغاشم .
وسجون النظام الملكي العميل ومشانقه التي كان ينصبها للمناضلين في معظم مدن العراق بأمر الإنكليز شاهدة على عدم إستكانة هذا الشعب الأبي للقهر والحيل السياسية للإلتفاف على مطالبه العادلة في التحرر والإنعتاق من ربقة المستعمر وتكلل ذلك الكفاح المرير بثورة 14 تموز الوطنية التي قادها إبن العراق البار الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم، تلك الثورة العملاقة التي وضعت حدا للهيمنة الإستعمارية على مقدرات العراق بعد خروجه من حلف بغداد ومنطقة الجنيه الإسترليني ومن ثم تحرير نفطه من الشركات الإحتكارية .
لكن الإستعمار البريطاني تجاهل كل ذلك وظل يحيك المؤامرات للسيطرة على العراق مرة أخرى فوجد ضالته في حزب البعث الفاشي فساعده على القيام بانقلاب الثامن من شباط الدموي عام 1963م حيث عاد حزب العفالقة المجرم الغادر إلى السلطة عن طريق القطار الإنكلو الأمريكي كما صرح أحد رؤوسه المدعو علي صالح السعدي لإبقاء العراق تحت الهيمنة الأجنبية بصورة غير مباشرة تختلف في طريقتها عن الإحتلال الأول وإن تبجح قادة هذا الحزب الفاشي العنصري بالشعارات الثورية، وبمسميات (التحرر) و(الإستقلال) و(الوحدة والحرية والاشتراكية ) التي كانت لاتساوي الحبر الذي كتبت به للتغطية على عمالته للإستعمار البريطاني
ومن يقرأ سيرة ميشيل عفلق وعصابته الأولى يعرف كل الحقائق عن عمالة هذا الحزب الذي أوجدته المخابرات الغربية لتمزيق الوطن العربي وتشهد الوقائع الحالية في العراق إن الكثير من عناصره اليوم قد نبذوا شعاراتهم السابقة وداسوها بالأقدام تحولوا إلى داعشيين قتلة ذباحين ينادون بدولة الخلافة هذا الحزب إنطلاقا نظريته الميكافيلية( الغاية تبرر الوسيلة ) وهو لايؤمن بأية قيمة للإنسان .
وخاض الشعب العراقي كفاحا لاهوادة فيه ضد هذا الحزب العنصري الفاشي. وضحى بعشرات الآلاف من أرواح أبنائه في سبيل الحرية وكانت إنتفاضة آذارعام 1991 زلزالا هز كيان النظام الصدامي الدكتاتوري الذي بناه على جماجم الشهداء من أساسه على أثر غزوه للكويت في الثاني من آب عام 1990 وأسقطت تلك الإنتفاضة الشعبية العارمة أربعة عشر محافظة وأصبحت رهن إرادة الثوار وكادت تقضي على النظام قضاء مبرما لولا التآمر الأمريكي السعودي البغيض الذي أدى إلى إجهاض تلك الانتفاضة العارمة.
ولا يمكن لشعب حضاري له حضارة عمرها سبعة آلاف عام ويمتلك هذه الإرادة الفولاذية، ويستشهد مئات الآلاف من أبنائه على مذبح الحرية والسيادة الوطنية أن يخلد للراحة والسكينة وهو يرى وطنه منذ سقوط صنم الإستبداد ولحد هذا اليوم نهبا للمفسدين والإنتهازيين والفاشلين والطائفيين وذوي النزعات الشخصية الباحثين عن الوجاهة الفارغة من خلال المناصب لتعويض الخلل الذي تعانيه نفوسهم الباحثة عن المكاسب على حساب أكثرية الشعب من الفقراء والمعدمين حتى وإن جاءوا عن طريق صندوق الإنتخاب بعد أن رفعوا شعاراتهم الرنانة التي أثبتت خواءها وتهافتها . فالشعب الذي خرج من تلك المحن أقوى شكيمة، وأصلب عودا وظل يناضل من أجل نيل حريته لن تنطلي عليه بعد اليوم الشعارات الزائفة ، والحلول الترقيعية من حكومات تعاقبت عليه بعد الإحتلال الأمريكي عام 2003 وأوصلت العراق إلى حافة الهاوية.
https://telegram.me/buratha