منذ سبعينات القرن الحالي والعراق بلد غني بالاسم فقير بالشعب، فمنذ أستلام هدام اللعين الحكم بالغدر والحيلة وهو يغدق العطايا على الكل ما عدا شعبه، الذي رماه تحت رحى حروب لا ناقة له فيها ولا جمل.
وبعد سقوط الطاغية استبشر الشعب خيرا فأخيرا ستبزغ شمس العدالة، وتوزع ثروات الشعب على مستحقيها وتنتهي معاناة العراقيين، ولكن ما هي إلا فترة حتى تبين أن من تصدر الساحة السياسية جل ما يتمناه أن يكون صدام ثان، بكل جبروته وطغيانه، وحبه للمال والسلطة، وتقريب الأقرباء وجمع بطانة من الفاسدين والمتملقين.
الفرق بين الاثنين أن الثاني شيعي ومنتخب، أنتخب من صنفين من الشعب، صنف خدع بكلامه المعسول وتلاعبه بوتر الطائفية، وصنف يتغذى من ماكينة الفساد التي تدار من قبله، وبقائه في الحكم ضروري لتغطية العديد من صفقات الفساد التي ابرمت أبان حكمه، ولكن الظروف لم تخدمه كما حصل مع هدام، وتصدت المرجعية لأحلامه الهتلرية بشدة حتى خرج صاغرا.
بداية جديدة مع حكومة وعدت العراقيين بمحاربة الفساد، وإدارة الدولة بأسلوب علمي مدروس، بعيد هن الاجتهادات الشخصية، وكما كان متوقع فقد وجدت هذه الحكومة نفسها اما تحديات جمة بسبب سوء إدارة الدولة سابقا، وعلى الحكومة الجديدة تسديد العجز الهائل، الذي حدث بسبب اختفاء أضخم ميزانية بتاريخ البلد، والأهم أن أجزاء كبيرة من العراق سلمت إلى أقسى تنظيم أجرامي معروف بالوقت الحالي وهو داعش، وكل هذا تزامن مع الأزمة الاقتصادية العالمية التي حدثت بسبب تردي أسعار النفط.
أقل ما توقعه المواطن من هذه الحكومة خاصة بعد التظاهرات الأخيرة المنددة بالفساد، أن تجمد أرصدة المسؤولين السابقين داخل وخارج العراق، وتفتح تحقيقا بكل ملفات وصفقات الفساد لمعرفة مصير المبالغ الخيالية المختفية، وإرجاع ولو نزر يسير منها سيكون كافيا للعبور بالعراق إلى بر الأمان.
ما حدث وكان عكس المتوقع أن الحكومة الجديدة وجدت أنها أضعف من أن تحاسب المسؤولين السابقين، وأنه الأسهل أن يدفع المواطن العراقي البسيط ثمن ما سرقه المسؤولين الكبار!
وبدأ الامر بتخفيض رواتب الطلبة المبتعثين بنسب ترواحت بين 30-50% وذهبت كل المطالب بأنصافهم أدراج الرياح، ومن ثم سلم الرواتب الذي كان كل موظفي الدولة بانتظاره لأنصافهم، بسبب الفرق الشاسع بين راتب المسؤول العراقي والموظف، وللارتفاع الحاصل بتكاليف المعيشة، ولكن السلم الجديد تم التلاعب به بحيث أن الدرجات الدنيا ستزيد بنسب قليلة، بينما أغلب الموظفين خاصة الكفاءات العلمية سيستقطع جزء كبير من راتبهم بغير وجه حق
لا أعلم متى يأتي للحكم من يفهم أن المواطن العراقي لم يبقى له دم كافي يسدد به فواتير المسؤول الباهظة، وأنه لن يبقى يتفرج على أولاده يموتون جوعا حتى تبقى الملعقة الذهبية بفم أبناء المسؤولين.
https://telegram.me/buratha