نشرت بعض المواقع مسودة الموازنة لعام 2016. ولان الموازنة امر خطير وحساس، تعتمد عليها الكثير من النشاطات الاقتصادية، لذلك يجب الحرص على ان تكون مبانيها صحيحة، وكذلك معلوماتها وارقامها. وكلنا يعلم الجهد العظيم الذي يبذله الاخوة والاخوات في وزارة المالية لاعداد الموازنة.. وهو ما يجب التهنئة عليه خصوصاً تقديمها في شهر تشرين الاول، كما يطالب "قانون الادارة المالية"، ليتسنى اقرارها قبل نهاية العام.. فموازنة 2014 لم تقر اساساً –بسبب الخلافات في مجلس النواب- لذلك بقيت البلاد في مهب الريح، فيما يخص الصرف المالي، واحدثت فوضى مالية كبيرة دفع ويدفع الجميع ثمنها.. بل ان عادة التأخير سواء من المالية او مجلس الوزارة او النواب، كانت هي القاعدة طوال السنوات الماضية.
والنتيجة الطبيعية للتأخير استمرار الوحدات المالية بالصرف وفق قاعدة 1 على 12 من نفقات العام السابق، بكل الاضرار المترتبة والارتباك في تنفيذ المشاريع التي لن يتوفر لها الوقت الكافي للاعلان وانهاء كافة متطلبات التعليمات والضوابط ودوائر الرقابة، مما يحدث بدوره عجزاً وفشلاً عن انجاز المشاريع التي من شأنها تقديم خدمات للمواطنين، ويشجع كثيراً على ارتكاب الاخطاء والقرارات غير الصحيحة، وهو ما يطلق عن حق او باطل تهم الفساد وهدر المال العام.
سنترك مناقشة الموازنة بتوجهاتها المطروحة لمكان وفرصة اخرى، لكننا سنناقش معلومة خاطئة في السطور الاولى لمسودة القانون، ولابد انها جاءت سهواً. تذكر المسودة ما يلي: "كان سعر البرميل المخطط لعام 2015 هو 56 دولاراً ولم يتحقق.. وكان انتاج النفط الخام المصدر 3300 الف برميل يومياً في حين لم نصل الى هذا الانتاج".. فالشق الاول فيما يتعلق بالسعر صحيح.. اما الشق الثاني المتعلق بالصادرات، فهو خاطىء ويجب ان يصحح.
فكما يعلم الجميع ان موازنة 2015 بنيت على صادرات تقوم على 2750 الف برميل يومياً من المنافذ الجنوبية و550 الف برميل يومياً من كركوك والاقليم، اي ما مجموعه 3300 الف برميل يومياً. والحقيقة ان هذا المعدل قد تحقق، بل تحقق اكثر منه. فلقد بلغت الصادرات السنوية من المنافذ الجنوبية حتى 10/10/2015 معدل 2764 الف برميل/يوم.. وان العراق يصدر منذ حزيران 2015 ما يزيد على 3000 الف برميل يومياً من المنافذ الجنوبية فقط، فاذا استمر الحال حتى نهاية العام كما هو متوقع فان صادرات العراق من المنافذ الجنوبية قد تتجاوز 2900 الف برميل/يوم كمعدل سنوي، اي اكثر من المعدل المقدر في الموازنة.. مع الاشارة ان المعدل السنوي لانتاج العراق من المصادر التي تغذي المنافذ الجنوبية قد ارتفع الى اكثر من 3500 الف برميل يومياً (وهو يدور اليوم حول 3800 الف برميل يومياً).. ولولا معدلات الاستهلاك المحلي وتزويد وزارة الكهرباء بالنفط الخام من جملة مصادر الطاقة الاخرى لارتفعت معدلات التصدير ايضاً..
ونعتقد ان وزارة المالية يجب ان تحتسب هذه الكميات بطريقة او باخرى، لانها تمثل دفعاً مزدوجاً.. فمن ناحية تخصص للكهرباء (ومؤسسات اخرى) مخصصات للطاقة في موازناتهم، ومن ناحية اخرى يتحمل النفط هذه الكلف "مجاناً"، بدليل ترليونات الدنانير المتراكمة والتي لم تسدد ليومنا هذا. اما ما يتعلق بكردستان فما صدر منذ بداية العام ولغاية 5/10/2015 فهو 503 الف برميل يومياً.. وان الصادرات ارتفعت في الشهرين الاخيرين لاكثر من 600 الف برميل يومياً، فاذا احتسب بقية العام، فان المعدل السنوي سيتجاوز ايضاً 550 الف برميل/يوم.. لذلك نقول بان تقدير الصادرات بـ 3300 الف برميل/ يوم لعام 2015 قد تحقق بل تم تجاوزه..
والاشكال المطلوب شرحه هو ليس في حجم الصادرات.. بل في تسليم الاقليم لـ"سومو" الكميات المطلوبة.. وهنا ايضاً نعتقد ان قانون الموازنة قد وضع الية للتعامل مع ذلك، على الاقل من الجانب المحاسبي والمالي.. ففي حالة الاخلال ومن اي طرف، فان النقص يخصم من النفط او من الـ17%.. وبالفعل كان ما يدفع للاقليم يتناسب وما يسلمه الاقليم لـ"سومو".. وعليه ما لا يسجل في الموازنة يخصم من نفقات الاقليم، والمفروض ان تعادل هذه تلك.
عادل عبد المهدي
https://telegram.me/buratha