لقد ظل الشعب ينتظر على مدى هذه السنين قادة على قدر كبير من المسؤولية الوطنية والتأريخية وعند كلمتهم أثناء الإنتخابات لإيقاف هذا النزيف والتداعي المستمر في جسد الدولة العراقية لكي تصل سفينة العراق إلى شاطئ الأمن والسلام بعد أن توالت عليه خمس حكومات يجمعها رابط واحد هو المحاصصة ويتنافس أقطابها على المصالح والمغانم والإمتيازات فقط.
وسمع المواطن العراقي خلال هذه الفترات أطنانا من الكلام الإيجابي المهدئ للخواطر فقط من أقطاب العملية السياسية دون أن يحدث أي تغيير نحو الأفضل لابل أخذت الأمور تتراجع نحو الأسوأ وعامل الوقت مهم في حياة الدول والحكومات لكي تضع تجاربها في كفة الميزان. لكن الرموز الحاكمة في العراق أغمضت عيونها عن رؤية الواقع وظلت تسعى إلى جني المكاسب والمغانم على حساب الدم العراقي المسفوح. وكل يوم يمر وسفينة العراق تتقاذفها الأمواج العاتية إلى أن حلت كارثة الكوارث التي كان من نتيجتها إحتلال الدواعش لثلث مساحة العراق وآستيلائهم على كميات هائلة من الأسلحة تقدر بمليارات الدولارات في أيام معدودة.وأخذ الدم العراقي يسيل ويسيل كالأنهار في ساحات واسعة من ثرى العراق، وهام الملايين على وجوههم وهم لايحملون أي شيئ من متاع العمر باحثين عن ملجأ يأويهم . ورفضا لهذه الظواهر السلبية إنطلقت النداآت الكثيرة من المرجعية جماهير الشعب العراقي الأبي ومن المرجعية المجاهدة الرشيدة أن ثوبوا إلى رشدكم أيها السياسيون ولا تجعلواالوطن لقمة سائغة للأعداء المتربصين به. ولكن لا حياة لمن تنادي. ووجد الإحباط والغضب طريقهما إلى كل طبقات الشعب فكانت هذه الإنتفاضة الجماهيرية الغاضبة.
وأنا كمواطن مستقل أسخر قلمي لخدمة وطني وأطلقه ضد مروجي الفوضى والخطابات التحريضية والإستفزازية والدعوة إلى إحياء ثقافة السحل، وتوجيه الشتائم للشخصيات الوطنية والرموز الدينية التي يطلقها أصحابها في الفضائيات المشبوهة بحجة الإصلاح ومحاربة الفاسدين. فهؤلاء الذين يروجون لثقافة العنف هم أبعد الناس عن مصالح الشعب العراقي. فالشعب العراقي شعب حضاري لايمكن أن ينساق لدعوات المحرضين الناعقين من وراء الحدود. ومن حقه التظاهر السلمي المنظم الذي يؤشر على مكامن الخلل ويطالب بمحاكمة الفاسدين أمام قضاء عادل نزيه وكفوء. والمطلوب من جماهير شعبنا الأبي في هذه الظروف العصيبة أن يكونوا على مستوى الحذر التام من العناصر الغوغائية المندسة التي تعودت على إستغلال مثل هذه الإحتجاجات لتمرير مخططاتها السوداء.
لقد جيئ يوما برجل إقترف ذنبا إلى الإمام علي بن أبي طالب ع. وكان الرجل محاطا بجماعة من الغوغاء يهرجون حوله ويحاولون الإعتداء عليه فصاح فيهم الإمام ع قائلا: (لامرحبا بوجوه لاتُرى إلا عند كل سوأة .)
ومن أمثال هؤلاء يضمهم التراب العراقي. وهاهو الإعلام المعادي الذي يقطر سما طائفيا زعافا وأيتام الدكتاتورية الصدامية في عمان وقطر وإستانبول وأربيل بدأوا يكثفون من هجماتهم الطائفية المضللة، ووضعوا أيديهم مع الدواعش أملا في الإنقضاض على الدولة العراقية وإغراقها في حمام دم جديد بحجة تغيير العملية السياسية.
لقد قام رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي بخطوته الأولى المباركة في تقديم حزم الإصلاحات الثلاث بعد أن دق جرس الإنذار الشعبي، وبحصول رئيس الوزراء على دعم وتفويض الشعب والمرجعية الرشيدة ومجلس النواب لوقف النزيف العراقي فلابد أن يكون في موقف قوي لأن الشعب مصدر السلطات وهو بخطوته الأولى يضع القوى السياسية على لائحة الإختبار لكي تثبت صدق نواياها للنهوض بالعراق والعبرة في التطبيق والعمل الملموس المجدي دون أي تسويف أو زيغ بعد مرور فترة من الزمن رغم كل العقبات الكأداء التي سيضعها أرباب المحاصصات في عجلة الإصلاح.
فالمواطن العراقي اليوم يترقب وينتظر ماذا ستسفر عنه حزمة الإصلاحات الجديدة بعد أن رفض رفضا مطلقا الحبوب المهدئة للألم . والملايين من العراقيين على ثقة بأن السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي رجل وطني غيور وكفوء وقوي الإراده. وهو يسعى بكل جهده للتغيير نحو الأفضل لو تعاون معه الشركاء في الحكم. وهو يدرك أن الأعداء كثيرون في الداخل والخارج والتحديات كبيرة جدا من تماسيح الفساد الذين تغلغلوا في جسد الدولة العراقية ، وتفننوا في أساليبهم الجهنمية. ولكن الألف ميل تبدأ بخطوة كما يقولون. فالشعب العراقي سيراقب ويحكم بعد أن عانى الكثير من الأوجاع والآلام. ومن حقه أن يعيش في وطنه الغني آمنا مطمئنا مصان الكرامة والحقوق لايبتزه المبتزون ولا يهدد حياته المجرمون. ولا يسرقه المفسدون. وكفى خداعا وتسويفا فالشعب لاتخدعه الشعارات بعد اليوم .
وقد قال الله في محكم كتابه العزيز:
بسم الله الرحمن الرحيم :
(وقفوهم أنهم مسؤولون ) 24-الصافات.
https://telegram.me/buratha