بعد أن طغى الفساد على كل شيئ ،بما كسبت أيدي المسؤولين ،نفذ صبر الشعب فقد تحمل، عقدا من الفساد والحرمان، وهو يرى السراق يعيشون، في بحبوحة من الأمن، فلا من قضاء يحاسب، أو برلمان يراقب، أو رئيس وزراء يضرب من حديد ويعاقب.
إن مشكلة القضاء العراقي مزمنة ومتراكمة، بعد أن كفل الدستور إستقلاليته، كما في الأنظمة الديمقراطية؛ لكنه بقي ملتصقا بالسلطة ومتأثرا بنفوذها، ويتكأ على القوانين والشخوص، التي وضعها (بريمر) وبقيت مقدسة دون مساس أو تغيير إلى اليوم.
لا يوجد في الدستور شيئ، إسمه مجلس القضاء الأعلى، ولم يبين من يرأسه ومن هم أعضائه، وترك ذلك إلى القانون، كذلك المحكمة الإتحادية العليا، أضحت ملغية بموجب الدستور، الذي ألغى قانون إدارة الدولة، التي تستند عليه تلك المحكمة، وهي بحاجة إلى قانون ينظم عملها، رغم أن قانونها جاهزا، لكنه بقي معطلا في مجلس النواب، ولدورات سابقة من بعض الجهات، السياسية الحاكمة والمتنفذة، المستفيدة من الفوضى القضائية وإنحايازها.
كثيرة هي الشواهد على إنحياز القضاء، للسلطة التنفيذية المتمثلة برئيس الوزراء السابق، خصوصا في المواسم الإنتخابية، حيث كان القضاء، طرفا مؤثرا في التصفيات السياسية، منها ماجرى مع بعض النواب، الذين إنتقدوا سياسة رئيس الوزراء السابق، وحمايته للمفسدين وتهريب بعضهم، كوزير التجارة فلاح السوداني، فابعد النائب المستقل صباح الساعدي، ولفقوا له تهما كيديبة، وجواد الشهيلي ومها الدوري، ورئيس البرلمان الحالي، أبتز بملفات قضائية، للقبول بالولاية الثالثة للمالكي، ومسرحية مشعان الجبوري وغيرها، كذلك تفسيرات المحكمة الإتحادية، المنسجمة مع الحكومة والمثيرة للجدل.
لم نر القضاء أو الإدعاء العام، حاكم حوتا كبيرا فاسدا، وألقى به في السجن، بل كان العكس، إذ يأتي الفاسدون المتهمون فيدخلوا مع حماياتهم، إلى المحاكم، فيشربوا الشاي، ثم يأخذوا صك برائتهم المزيف! إن الإصلاح الكبير والمفاجئ، في السلطة التنفيذية والتشريعية، وإقرارها من قبل البرلمان سيبقى ناقصا، إن لم يتبعه إصلاح في السلطة التشريعية؛ ولكن من يملك سلطة إصلاح القضاء؟
نحن لا ننتظر من الفاسدين إصلاح أنفسهم، فهو محال وإنما التعويل، على ضغط الشعب وتوجيهات المرجعية، في هذا الجانب المهم، حينئذ سيكون التغيير وإلاصلاح شاملا وممكنا.
إن القضاء الذي حاكم، طاغية العصر (صدام) محاكمة عادلة، لقادر على محاكمة من هم دونه، من الذين عبثوا بأموال العراق، وتسببوا بقتل آلآف العراقيين، وتهجير الملايين وضياع ثلث العراق إن صلحت بعض الأمور(وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون).
https://telegram.me/buratha